السؤال :
سائلة تسأل وتقول: هناك بعض الدهون أو الشامبو التي توضع في رؤوس النساء
وتغسل به الرؤوس، يحتوي على نعم من نعم الله كالبيض والليمون مثلاً، فما
حكم استعماله؟ وخاصة أن النساء يستعملنه ثم يزلنه بالماء في داخل دورات
المياه فيختلط بالنجاسة، أفيدونا أفادكم الله.
الجواب :
لا حرج في استعماله لمصلحة الرأس كالتداوي، ولا مانع من التداوي بالبيض
والحنطة وغيرهما من الأطعمة؛ لأن الشيء المباح الذي فيه منفعة لا مانع من
التداوي به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((عباد الله تداووا ولا تداووا
بحرام)) وإذا جعل البيض ونحوه في الرأس للتداوي به فقد تعفن، وصار غير صالح
للأكل، فلا يضر غسله في الحمامات.
السؤال :
كنت ذات يوم ألعب بالكرة، وقد حدث أن جرحت رجلي جرحاً مؤلماً، ودخل وقت
الصلاة فتوضأت الوضوء الكامل غير إني لم أغسل مكان الجرح فكنت أصلي والدم
ينزف، ودمت على هذه الحال خمسة أيام، فهل صلاتي صحيحة مع العذر، أم أنها
غير صحيحة؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب :
الواجب في هذا أنك تجعل على الجرح شيئاً كبيراً يمسك الدم، يعني خرقة تلفها
عليه أو ما أشبه ذلك مما يحبس الدم ويوقفه، حتى تمسح على هذه الجبيرة، فإن
لم يتيسر فالتيمم عن ذلك بعد الوضوء ويكفي، ولكن طيلة لفه بلفافة أو جبيرة
تمسح عليها، هذا هو الواجب؛ لأنه هو الطريق الشرعي، ويكفي عن التيمم، فإذا
لم تفعل ذلك قضيت صلاتك للأيام الخمسة التي فعلتها من دون مسح ولا تيمم،
وهذا هو الأحوط لك؛ لأنك فرطت في هذا الأمر، وهو أمر واضح حيث لم تربط
الجرح حتى يتم المسح عليه، ولم تتيمم، والله ولي التوفيق.
السؤال :
ما حكم من يتوضأ داخل الحمام، وهل يجوز وضوءه؟
الجواب :
لا بأس أن يتوضأ داخل الحمام، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ويسمي عند أول
الوضوء، يقول: "بسم الله"؛ لأن التسمية واجبة عند بعض أهل العلم، ومتأكدة
عند الأكثر، فيأتي بها وتزول الكراهة؛ لأن الكراهة تزول عند وجود الحاجة
إلى التسمية، والإنسان مأمور بالتسمية عند أول الوضوء، فيسمى ويكمل وضوءه.
وأما التشهد فيكون بعد الخروج من الحمام - وهو محل قضاء الحاجة - فإذا فرغ من وضوئه يخرج ويتشهد في الخارج.
أما إذا كان الحمام لمجرد الوضوء ليس للغائط والبول، فهذا لا بأس أن يأتي بها فيه؛ لأنه ليس محلاً لقضاء الحاجة.
السؤال :
سائلة تقول: في بلادنا كثيراً ما تختلط مياه الشرب بمادة الكلور المطهرة،
وهي مادة تغير لون وطعم الماء، فهل يؤثر هذا على تطهيره للمتوضئ؟ أفيدونا
أفادكم الله.
الجواب :
تغير الماء بالطاهرات وبالأدوية التي توضع فيه لمنع ما قد يضر الناس، مع
بقاء اسم الماء على حاله، فإن هذا لا يضر، ولو حصل بعض التغير بذلك، كما لو
تغير بالطحلب الذي ينبت فيه، وبأوراق الشجر، وبالتراب الذي يعتريه، وما
أشبه ذلك. كل هذا لا يضره، فهو طهور باق على حاله، لا يضره إلا إذا تغير
بشيء يخرجه من اسم الماء، حتى يجعله شيئاً آخر، كاللبن إذا جعل على الماء
حتى غيره وصار لبناً، أو صار شاياً، أو صار مرقاً خارجاً عن اسم الماء،
فهذا لا يصح الوضوء به؛ لكونه خرج عن اسم الماء إلى اسم آخر. أما ما دام
اسم الماء باقياً وإنما وقع فيه شيء من الطاهرات كالتراب، والتبن، أو غير
ذلك مما لا يسلبه اسم الماء فهذا لا يضره، أما النجاسات فإنها تفسده إذا
تغير طعمه أو لونه أو ريحه، أو كان قليلاً يتأثر بالنجاسة، وإن لم تظهر فيه
فإنه يفسد بذلك، ولا يجوز استعماله.
السؤال :
سائل يسأل عن الوضوء من أجل قراءة القرآن؟
الجواب :
القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل، وهو أعظم كتاب، وهو خاتم الكتب المنزلة
من السماء، ومن تعظيم الله له أنه قال سبحانه في شأنه: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ
كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ *
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[1]، وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه
وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: ((لا يمس القرآن إلا طاهر))، وأفتى أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ولهذا ذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة
الأربعة إلى أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر من الحدثين الأصغر
والأكبر، كما أنه لا يجوز أن يقرأه الجنب مطلقاً حتى يغتسل من الجنابة،
وهذا هو الصواب.
فليس لمحدث أن يقرأ القرآن من المصحف، ولكن له أن يقرأ عن ظهر قلب إذا كان
حدثه أصغر، أما الجنب فليس له أن يقرأه مطلقاً حتى يغتسل؛ لأن الرسول عليه
الصلاة والسلام كان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة، كما ثبت ذلك عن علي
رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه شيء عن القرآن
سوى الجنابة)، واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل تلحقان بالجنب؟ فبعضهم
- وهم الأكثر - ألحقهما بالجنب، ومنعهما من قراءة القرآن مطلقاً حتى تطهر،
وجاء في هذا حديث رواه أبو داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن))،
وقال آخرون: تجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؛ لأنهما تطول مدتهما، وليس الأمر
في أيديهما كالجنب، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
عائشة في حجة الوداع وهي حائض أن تفعل ما يفعله الحاج غير الطواف، ولم
ينهها عن قراءة القرآن، ولأن قياس الحائض والنفساء على الجنب ليس بصحيح؛
لعظم الفرق بينهما وبينه، أما حديث ابن عمر المذكور فهو حديث ضعيف عند أهل
العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة – وهو حجازي-
وإسماعيل روايته من غير الشاميين ضعيفة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الواقعة الآيات 77 – 80.
السؤال :
من امرأة تقول فيه: عندما أصلي صلاة الضحى وانتظر صلاة الظهر فيغالبني نعاس، فهل ينتقض وضوئي به أم لا؟
الجواب :
النعاس لا ينتقض به الوضوء، وإنما ينتقض بالنوم الذي لا يبقى مع صاحبه شعور
بمن حوله، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم ينتظرون العشاء على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فتخفق رؤوسهم من النعاس ثم يصلون ولا يتوضؤون، أما
النوم الثقيل الذي يذهب فيه الشعور فهذا ينتقض الوضوء به، فينبغي لك أيتها
الأخت في الله أن تفهمي الفرق بين النوم الثقيل الذي يذهب معه الشعور،
والنعاس.
السؤال :
من(ع.ع) من العراق يقول: إذا كان الإنسان قد توضأ أو هو على وضوء فلمس أمه أو شقيقته أو نحو ذلك، فهل يبطل وضوءه؟
الجواب :
الصواب أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كانت زوجته أو غيرها، هذا هو
الصواب، وفيه خلاف بين أهل العلم، فللعلماء في هذا أقوال ثلاثة: أحدها: أن
مس المرأة ينقض الوضوء مطلقاً. والثاني: لا ينقضه مطلقاً. والثالث:
التفصيل، إن كان عن شهوة وتلذذ نقض، وإلا فلا.
والراجح من الأقوال الثلاثة أنه لا ينقض مطلقاً؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه
وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم، ولأن الأصل
سلامة الطهارة، فلا تنتقض إلا بدليل واضح، ولأن هذا الأمر يبتلى به الناس
في بيوتهم، فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم
بياناً واضحاً ولم يغفله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين.
وأما قوله عز وجل في سورتي النساء والمائدة: {أَوْ لامَسْتُمُ
النِّسَاءَ}[1] فالمراد بذلك الجماع، كما قاله ابن عباس وجمع كثير من أهل
العلم. والمس والمسيس والملامسة معناها واحد، وكلها يعنى بها الجماع في أصح
قولي العلماء، لكن إن خرج من الإنسان وقت الملامسة شيء من المذي انتقض
وضوءه، ووجب عليه غسل الذكر والأنثيين، ثم الوضوء للصلاة ونحوها، والله ولي
التوفيق.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة المائدة الآية 6.
السؤال :
سؤال من (س.ل.م) من الرياض تقول: أنا أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً ومنذ
عامين إذا شرعت في الصلاة أشعر كأني يخرج مني بول، وهذا مستمر معي دائماً،
أفيدوني في ذلك.
الجواب :
هذا الشعور لا يبطل به الوضوء ولا الصلاة؛ لأنه مجرد وسوسة من الشيطان،
وصلاتك صحيحة، ولا يضرك هذا الوسواس إلا إذا جزمت وتحققت أنه خرج منك بول.
فإذا جزمت بذلك فعليك أن تعيدي الاستنجاء والوضوء والصلاة، وتغسلي ما أصاب
بدنك وملابسك من البول، وأما مجرد الأوهام والوسواس فإنها لا يلتفت إليها،
والصلاة صحيحة. وينبغي لك أن تحذري هذا الوسواس، وأن تشتغلي بالإقبال على
الصلاة والخشوع فيها، وأن تبتعدي عن هذه الوساوس حتى لا تتكرر عليك.
السؤال :
هل مسح الرقبة في الوضوء غير مستحب؛ لأنه تشبه باليهود كما سمعت؟
الجواب :
نعم، لا يستحب، ولا يشرع مسح العنق، وإنما المسح يكون للرأس والأذنين فقط، كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
السؤال :
ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل، وخاصة في أمر العقيدة، وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيراً؟
الجواب :
العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب، وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق
للعبادة، والشهادة له بذلك، وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه
لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمداً رسول الله أرسله
الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء، كل هذا لا بد منه، وهذا
من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعاً، وهو أساس
الدين وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله من أمر
القيامة، والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو
الشمال، ووزن الأعمال... إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية
والأحاديث النبوية. فالجهل بهذا لا يكون عذراً بل يجب عليه أن يتعلم هذا
الأمر وأن يتبصر فيه، ولا يعذر بقوله إني جاهل بمثل هذه الأمور، وهو بين
المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا يسمى
معرضا، ويسمى غافلاً ومتجاهلاً لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر، كما قال الله
سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
إِنْ هُمْ إِلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[1]، وقال
سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[2]، وقال
تعالى في أمثالهم: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[3]، إلى أمثال هذه
الآيات العظيمة التي لم يعذر فيها سبحانه الظالمين بجهلهم وإعراضهم
وغفلتهم، أما من كان بعيداً عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها
مسلمون ولم يبلغه القرآن والسنة فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات
على هذه الحالة الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة
ومن عصا دخل النار، أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض
الناس كبعض أحكام الصلاة أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد
يعذر فيها بالجهل. ولا حرج في ذلك؛ لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل
واحد يستطيع الفقه فيها، فأمر هذه المسائل أسهل. والواجب على المؤمن أن
يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[4] ويروى عنه عليه الصلاة
والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: ((ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء
العي السؤال))[5]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً
يفقهه في الدين))[6] فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في
الدين والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم
الغفلة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك
إلا بالعلم، والعلم لا يحصل بالغفلة والإعراض؛ بل لا بد من طلب للعلم، ولا
بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الفرقان الآية 44.
[2] سورة الأعراف الآية 179.
[3] سورة الأعراف الآية 30.
[4] سورة النحل الآية 43.
[5] رواه أبو داود في الطهارة برقم 284.
[6] رواه البخاري في العلم برقم 69، ومسلم في الزكاة برقم 1719.
السؤال :
ما حكم الصلاة خلف من يذهب إلى قبور الصالحين للتبرك بها، وتلاوة القرآن في الموالد وغيرها بأجر على ذلك؟
الجواب :
هذا فيه تفصيل: إن كان مجرد الاحتفال بالموالد من دون شرك فهذا مبتدع،
فينبغي أن لا يكون إماماً لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: ((إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة
ضلالة))[1]، والاحتفال بالموالد من البدع، أما إذا كان يدعو الأموات
ويستغيث بهم، أو بالجن، أو غيرهم من المخلوقات فيقول: يا رسول الله انصرني
أو اشف مريضي، أو يقول: يا سيدي الحسين، أو يا سيدي البدوي، أو غيرهم من
الأموات، أو الجمادات كالأصنام، المدد المدد، فهذا مشرك شركاً أكبر لا يصلى
خلفه، ولا تصح إمامته - نسأل الله العافية - أما إذا كان يرتكب بدعة كأن
يحضر المولد ولكن لا يأتي بشرك، أو يقرأ القرآن عند القبور، أو يصلي عندها،
ولا يأتي بشرك، فهذا يكون قد ابتدع في الدين، فيعلم ويوجه إلى الخير
وصلاته صحيحة إذا لم يفعلها عند القبور.
أما الصلاة في المقبرة فلا تصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله
اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))[2] متفق عليه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه أبو داود في السنة برقم 3991 واللفظ له , وأحمد في مسند الشاميين برقم 16522.
[2] رواه البخاري في الجنائز برقم 1301 ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة برقم 823 واللفظ متفق عليه.
السؤال :
هل من الممكن أن لا يأخذ المؤمن بالأسباب إذا وصل إلى درجة معينة من الإيمان لقوة يقينه؟
الجواب :
ليس الأمر كذلك، بل لا بد من الأخذ بالأسباب مهما كان المرء مؤمناً، حتى
الرسل عليهم الصلاة والسلام وهم أفضل الخلق وأرفع الناس درجة في الإيمان
كانوا يأخذون بالأسباب، وهم أكمل الناس إيماناً وأرجحهم ميزاناً وأكملهم
عقولاً، ومع هذا يأخذون بالأسباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخذ
بالأسباب فحمل السلاح وجعل على رأسه البيضة تقيه السلاح، وظاهر بين درعين
أي لبس درعين وهو سيد ولد آدم وأفضل الخلق وأكملهم إيماناً وأكملهم توكلاً
على الله عليه الصلاة والسلام، وكان يأكل ويشرب ويجامع النساء ويأخذ
بالأسباب، فلا يجوز تعطيل الأسباب لأي أحد من الناس مع القدرة، بل على كل
أحد وإن بلغ القمة في الإيمان أن يأخذ بالأسباب، كما أن أفضل الناس وهم
الرسل يأخذون بالأسباب.
السؤال :
لنا أخت مريضة وأحياناً نضربها ضرباً خفيفاً، لكننا نتألم نفسياً من ذلك، فهل علينا في ذلك شيء؟
الجواب :
الواجب عليكم مراعاة حالها، وعدم فعل ما يزيد مرضها، وإذا كانت لا تتحمل
الضرب لم يجز لكم الضرب، وأما إن كان المرض خفيفاً وهي تخطئ وتعمل بعض
الأشياء التي تستحق عليها التأديب الخفيف فلا بأس. لكن يجب أن تراعوا
حالها، فإن كان الضرب يضرها فلا تضربوها، أما إذا كانت لا يضرها هذا الضرب
الذي تعملونه معها؛ لأن مرضها خفيف والحاجة ماسة إلى تأديبها حتى ترتدع عما
لا ينبغي فلا حرج في ذلك.
السؤال :
ما تفسير قول الحق تبارك وتعالى في سورة الرعد: {إِنَّ اللَّهَ لا
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[1]؟
الجواب :
الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال
حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة،
ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة
وغيروا غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط، والتفرق
وغير هذا من أنواع العقوبات جزاء وفاقا قال سبحانه: {وَمَا رَبُّكَ
بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ}[2]، وقد يمهلهم سبحانه ويملي لهم ويستدرجهم لعلهم
يرجعون ثم يؤخذون على غرة كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا
بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}[3] يعني
آيسون من كل خير، نعوذ بالله من عذاب الله ونقمته، وقد يؤجلون إلى يوم
القيامة فيكون عذابهم أشد كما قال سبحانه: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ
غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ
تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}[4] والمعنى أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد
الموت، فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة. وقد يكونون في شر وبلاء
ومعاصي ثم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه ويندمون ويستقيمون على الطاعة
فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة، ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة، واجتماع
كلمة وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد
جاء في الآية الأخرى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا
نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنْفُسِهِمْ}[5] فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير
ثم غيروا بالمعاصي غير عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد يمهلون كما
تقدم والعكس كذلك إذا كانوا في سوء ومعاص، أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا
واستقاموا على طاعة الله غيَّر الله حالهم من الحالة السيئة إلى الحالة
الحسنة، غير تفرقهم إلى اجتماع ووئام، وغير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء،
وغير حالهم من جدب وقحط وقلة مياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض
وغير ذلك من أنواع الخير.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الرعد الآية 11.
[2] سورة فصلت الآية 46.
[3] سورة الأنعام الآية 44.
[4] سورة إبراهيم الآية 42.
[5] سورة الأنفال من الآية 53.
السؤال :
ما رأيكم في هؤلاء الذين يسمون أنفسهم "بالدراويش" ويطعنون أنفسهم بالخناجر
والسكاكين وغيرها، وهم في ذلك قبل أن يقول: يا الله، يقول: يا رفاعي، فما
رأي الشرع في ذلك؟ هل يوجد دليل على عملهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
هؤلاء كذابون ومحتالون، ليس لعملهم أصل بل هم كذبة يستعملون أشياء تلبس على
الناس حتى يظن الناس أنهم يطعنون أنفسهم وليس الأمر كذلك. وإنما هو تلبيس
وتزوير على العيون وسحر للناس كما قال الله عن سحرة فرعون أنهم استرهبوا
الناس وسحروا أعينهم، فالمقصود أن هذا الصنف من الناس - من الفجرة
والمحتالين - الذي لا أصل لما يفعلون، ولا يجوز أن يُصدقوا، بل هم كاذبون
محتالون ملبسون على الناس، وإذا كانوا يدعون الرفاعي أو غير الرفاعي فهذا
شرك أكبر، كالذي يقول: يا رفاعي أو يا رسول الله انصرنا أو اشفع لنا، أو يا
علي يا سيدي علي أو يا حسين أو يا فلان أو يا سيدي البدوي أو كذا فكل هذا
من الشرك الأكبر، كل هذا من العبادة لغير الله، وكل هذا من جنس عمل عُبَّاد
القبور، وعباد اللات والعزى وأشباههم، فهو شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك.
وهؤلاء الذين يطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين كله تلبيس وخداع ليس له
أصل، بل هم بهذا كذبة فجرة، يجب على ولاة الأمور إذا كان هناك ولي أمر مسلم
في بلدهم أن يأخذ على أيديهم وأن يعزرهم ويؤدبهم حتى يتوبوا من أعمالهم
الخبيثة.
السؤال :
توفي والد خالتي وزارت قبره مرة وتريد أن تزوره مرة أخرى وسمعت حديثا معناه
تحريم زيارة المرأة للقبور، فهل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان صحيحاً فهل
عليها إثم يستوجب الكفارة؟
الجواب :
الصحيح أن زيارة النساء للقبور لا تجوز للحديث المذكور، وقد ثبت عنه صلى
الله عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور، فالواجب على النساء ترك زيارة
القبور والتي زارت القبر جهلاً منها فلا حرج عليها، وعليها أن لا تعود فإن
فعلت فعليها التوبة والاستغفار والتوبة تجب ما قبلها. فالزيارة للرجال
خاصة، قال صلى الله عليه وسلم: ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة))[1]
وكانت الزيارة في أول الأمر ممنوعة على الرجال والنساء؛ لأن المسلمين حدثاء
عهد بعبادة الأموات والتعلق بالأموات، فمنعوا من زيارة القبور سداً لذريعة
الشر وحسماً لمادة الشرك، فلما استقر الإسلام وعرفوا الإسلام شرع الله لهم
زيارة القبور لما فيها من العظة والذكرى من ذكر الموت والآخرة، والدعاء
للموتى والترحم عليهم، ثم منع الله النساء من ذلك في أصح قولي العلماء؛
لأنهن يفتن الرجال، وربما فُتِنَّ في أنفسهن، ولقلة صبرهن وكثرة جزعهن فمن
رحمة الله وإحسانه إليهن أن حرم عليهن زيارة القبور، وفي ذلك أيضاً إحسان
للرجال؛ لأن اجتماع الجميع عند القبور قد يسبب فتنة، فمن رحمة الله أن منعن
من زيارة القبور.
أما الصلاة فلا بأس، فتصلي النساء على الميت وإنما النهي عن زيارة القبور
فليس للمرأة زيارة القبور في أصح قولي العلماء؛ للأحاديث الدالة على منع
ذلك، وليس عليها كفارة وإنما عليها التوبة فقط.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه مسلم في كتاب الجنائز برقم 1622، ورواه ابن ماجه في الجنائز برقم 1558 واللفظ له.
السؤال :
إن النساء اعتدن في بلادنا اليمن أن يطبخن عصيدة عند ولادة إحدى القريبات
أو الصديقات والجارات ويفرقنها على البيوت، وما يتبقى تدعى القريبات
والصديقات ليأكلن من هذه العصيدة التي يسمينها "عصيدة بنت النبي" لاعتقادهن
أنها هي التي أخرجت المولود ومن يرفض أكلها يقال عنها إنها لا تحب فاطمة
بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وأن فاطمة غاضبة عليها. ما حكم هذا العمل؟
وهل يجوز الأكل من هذه العصيدة أم أن أكلها له حكم الذبح لغير الله؟
الجواب :
هذه العصيدة بدعة منكرة لا أساس لها، وليس لبنت النبي صلى الله عليه وسلم
عصيدة رضي الله عنها، وليست هي تنفع وتضر، تنفع من والاها وتضر من عاداها،
بل النفع والضر بيد الله عز وجل، ولكنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم
وصحابية جليلة رضي الله عنها، يجب حبها في الله وموالاتها في الله، لكن ليس
لها من الأمر شيء لا تنفع ولا تضر أحداً، فالواجب على المؤمن أن يتقي الله
وأن يعتصم بالله، وأن يتوكل على الله، ويعبده وحده فهو النافع الضار،
فالمؤمن يسأل ربه الإعانة وصلاح أولاده، ويسأل الله ما أهمه من حاجته وحاجة
أولاده، أما إيجاد عصيدة باسم بنت النبي صلى الله عليه وسلم فهذه بدعة لا
أساس لها. فالواجب تركها، وبنت النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وهكذا غيرها
من الصحابة وهكذا ابن عمه علي وهكذا هو نفسه صلى الله عليه وسلم لا يملكون
لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، ولا يجوز دعاؤهم
من دون الله، ولا الاستغاثة بهم من دون الله، ولا طلب المدد، ولا طلب فاطمة
ولا طلب علي ولا غيره من الصحابة، فالطلب من الله، والمدد من الله، والعون
من الله، كما قال عز وجل عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة
الأعراف: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ
اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ}[1]، ويقول جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لا
أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا
أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ}[2]،
ويقول جل وعلا لنبيه: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا
رَشَدًا}[3] فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى. فإذا كان النبي صلى الله عليه
وسلم لا يملك ضراً ولا رشداً فابنته فاطمة من باب أولى أنها لا تملك شيئاً،
وقد نزل بها الموت بعد وفاة أبيها لستة أشهر فما دفعت عن نفسها شيئاً رضي
الله عنها وأرضاها، فالحاصل أن هذه العصيدة بدعة ومنكرة ولا يجوز فعلها ولا
تعاطيها، بل إذا ولدت المرأة يدعى لها بالعافية والشفاء وتنصح بما تحتاج
إليه، وتعان إذا كانت فقيرة بما يعينها على حاجاتها من النقود والطعام، أما
هذه العصيدة فيجب تركها والحذر منها، وترك هذا الاعتقاد الفاسد.
نسأل الله السلامة والعافية من مضلات الفتن إنه سميع قريب.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الأعراف الآية 188.
[2] سورة الأنعام الآية 50.
[3] سورة الجن الآية 21.
السؤال :
فسروا لنا قول الحق جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ
إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي
وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ
الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[1].
الجواب :
هذه الآية واضحة لمن تأملها، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن قد
بعثه الله إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم الشرك بالله، وكان في
زمانه ملك يقال له: "النمروذ" يدعي أنه الرب وأنه رب العالمين، وقد مُنح
ملك الأرض فيما ذكروا. فإن الأرض قد ملكها أربعة كافران وهما: "النمروذ"
هذا "وبختنصر" ومسلمان وهما: "ذو القرنين" و"سليمان بن داود" عليهما
السلام، فالحاصل أن هذا النمروذ كان جباراً عنيداً، وكان يدعي الملك ويدعي
أنه رب العالمين، ويدعي أنه يحيي ويميت، فلهذا قال له إبراهيم: (ربي الذي
يحيي ويميت)، قال الخبيث النمروذ: (أنا أحيي وأميت) وذكر المفسرون أنه ذكر
لإبراهيم أنه يؤتى بالشخصين يستحقان القتل فيعفو عن واحد ويقتل الآخر ويزعم
أن هذا هو معنى الإحياء والإماتة، يعفو عمن استحق القتل فيقول أحييته،
وهذه مكابرة وتلبيس فليس هذا هو المقصود، وإنما المقصود أن يخرج من الحجر
ومن النطفة، ومن الأرض حياً بعد موت، وهذا لا يستطيعه إلا الله سبحانه
وتعالى، فهو الذي يخرج النبات ويحيي النطف حتى تكون حيوانات. فالمقصود أن
هذا لا يستطيعه إلا الله ولكنه كابر ولبس، فانتقل معه إبراهيم إلى حجة أوضح
للناس وأبين للناس حتى لا يستطيع أن يقول شيئاً في ذلك، فبين له عليه
الصلاة والسلام أن الله يأتي بالشمس من المشرق فإن كنت رباً فأَتِ بها من
المغرب فبهت واتضح للناس بطلان كيده، وأنه ضعيف مخلوق لا يستطيع أن يأتي
بالشمس من المغرب بدلاً من المشرق، واتضح للناس ضلاله ومكابرته، وصحة ما
قاله إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة البقرة الآية 258.