السؤال :
هل تغطية الرأس واليدين والقدمين واجبة عند سجود التلاوة في حق المرأة؟
الجواب :
ليست التغطية المذكورة واجبة؛ لأن سجود التلاوة ليس صلاة في أصح قولي
العلماء وإنما هو خضوع لله، وذلٌ بين يديه، كالقراءة والذكر ونحو ذلك.
وقال بعض أهل العلم: إنه كالصلاة لا بد من الطهارة، ولا بد من ستر العورة،
فإذا سجدت المرأة بتستر فهذا أفضل وأولى؛ خروجاً من خلاف العلماء. وهكذا
إذا كانت على طهارة فهو أفضل، وهكذا الرجل وسجوده على طهارة أفضل، لكن لا
يجب الطهارة في سجود التلاوة وسجود الشكر. فلو سجدت المرأة ورأسها مكشوف أو
هي على غير وضوء، فالسجود صحيح ولا حرج في ذلك كالرجل في أصح قولي
العلماء؛ لعدم الدليل المقتضي لاشتراط الطهارة، فإن سجود التلاوة يعرض
للإنسان وهو يقرأ القرآن عن ظهر قلب، وهو على غير طهارة، ولم يثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالطهارة. وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه ما
يدل على أنها ليست بشرط. وأنه لا مانع من السجود على غير طهارة. فالحاصل
أن سجود التلاوة وسجود الشكر لا يشترط لها الطهارة. فإنه لو بشر بولدٍ له
أو فتح إسلامي أو بأمر يسر المسلمين فسجد شكراً لله فلا بأس، ولو كان على
غير طهارة. ولما بلغ الصديق رضي الله عنه مقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكراً
السؤال :
ما حكم الصلاة بالملابس الضيقة للرجال؟ وهل يصلي بالناس من يرتديها؟
الجواب :
الملابس الضيقة يكره لبسها للرجال والنساء جميعاً، والمشروع أن تكون
الملابس متوسطة، لا ضيقة تبين حجم العورة ولا واسعة ولكن بين ذلك. أما
الصلاة فهي صحيحة - إذا كانت ساترة - ولكن يكره للمؤمن تعاطي مثل هذه
الألبسة الضيقة وهكذا المؤمنة. يكون اللباس متوسطاً بين الضيق والسعة. هذا
هو الذي ينبغي.
السؤال :
إذا وجد شيء من الأشياء التي تثبت البلوغ هل تجري أحكام التكاليف والعقوبة على صاحبه إذا ترك فرضاً ولو لم يبلغ خمسة عشر سنة؟[1]
الجواب :
إذا ثبت بلوغ الغلام أو الجارية بإحدى الأمارات المثبتة لذلك تعلقت بهما
أحكام التكليف من وجوب الصلاة والصيام ونحوهما وإقامة الحدود ونحو ذلك
كسائر المكلفين. قال ابن المنذر رحمه الله: أجمعوا على أن الفرائض والأحكام
تجب على المحتلم العاقل والمرأة بظهور الحيض منها. انتهى.
وأما التعزير فلا يشترط فيه تكليف المعزر، كتأديب الصبي إذا بلغ عشراً على
ترك الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((واضربوهم عليها لعشر))[2] وكما
يؤدب على فعل الفواحش ليرتدع عنها، وكما يؤدب المجانين عن التعدي على الناس
والأذية لهم؛ ليرتدعوا عن ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
تعالى: لا نزاع بين العلماء أن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة
تعزيراً بليغاً، وكذلك المجنون يضرب على ما فعل لينزجر. والله ولي
التوفيق.
-
[1] سؤال شخصي أجاب عنه سماحته في أحد دروسه.
[2] أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم 6717
السؤال :
إن أكثر الشباب عندما أنصحهم بالصلاة يقولون: لا نستطيع أن نصلي لأننا ننظر
إلى النساء وخاصة المتبرجات، فهل النظر يمنع الصلاة أو يبطلها؟
الجواب :
هذا عذر باطل، الواجب عليهم أن يصلوا مع المسلمين ويحافظوا على ما أوجب
الله عليهم من الصلاة وغض البصر، والصلاة في جماعة بالمساجد فريضة، يقول
النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من
عذر)).
وهي عمود الإسلام يجب على المسلم أن يؤديها، إذا كان مكلفاً. وتركها كفر
بالله وضلال، وليس رؤية النساء في الطريق، أو كن يصلين في المسجد، ليس هذا
عذراً في ترك الصلاة أو ترك الجماعة؛ بل هذا غلط ومنكر واعتذار عن منكر
بمنكر وهو ترك الصلاة - نسأل الله العافية - والواجب على المسلم غض البصر
وأن يتقي الله فيغض بصره في الأسواق وفي كل مكان، وليس عذراً له أن تصادفه
في الطريق للصلاة النساء؛ بل إذا صادفه في الطريق للصلاة نساء يغض بصره،
يجاهد نفسه، قال الله عز وجل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[1]. والمسلم يغض بصره ليتقي الله ويحفظ
فرجه ويؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في مساجد الله مع المسلمين، يخاف
الله ويرجوه، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[2]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من سمع النداء
فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر))، وقال في شأن الصلاة وعظمتها: ((العهد
الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) رواه الإمام أحمد وأهل السنن
بإسناد صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك
ترك الصلاة)) رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وفيه أحاديث أخرى دالة على عظم شأنها، يقول صلى الله عليه وسلم: ((رأس
الأمر الإسلام وعموده الصلاة)) وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على
المتخلفين بيوتهم - المتخلفين عن صلاة الجماعة -.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتقي الله، وأن يحافظ على الصلاة في
أوقاتها، وأن يحذر عن التخلف عنها، فإن التخلف عنها من صفات أهل النفاق،
ومن صفات الكفرة، ومن أسباب دخول النار، قال الله تعالى في كتابه العظيم عن
الكفار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ
الْمُصَلِّينَ}[3]، فأجابوا بأنهم دخلوا النار؛ لأنهم لم يكونوا من المصلين
- نسأل الله العافية -.
فالمؤمن يتقي الله في كل شيء فيغض البصر ويحفظ الفرج ويحفظ الجوارح عما حرم
الله، ويؤدي ما أوجب الله من الصلاة والزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم وغير
ذلك، يجمع بين هذا وهذا، هذه الدار دار العمل ودار التكليف، دار الابتلاء
والامتحان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على
ما أوجب الله ويتباعد عن محارم الله، ويقف عند حدود الله، يرجو ثواب الله،
ويخشى عقابه، ولهذا خلق، قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[4]، وهذه العبادة الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج،
الجهاد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، بر الوالدين،
صلة الرحم، إلى غير هذا مما شرع الله، وهكذا ترك المحارم التي حرمها الله
على عباده، تركها طاعة لله وتعظيماً له من أعظم القربات.