إلى الأنبياء وإلى أممهم جميعا والخطاب في هذه السورة لهذه الأمة لقوله
تعالى قولوا 136 فلم يصح إلى إلى و على مختص بجانب الفوق وهو مختص
بالأنبياء لأن الكتب منزلة عليهم لا شركة للأمة فيها وفي آل عمران قل 84
وهو مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته فكان الذي يليق به على
وزاد في هذه السورة وما أوتى وحذف من آل عمران لأن في آل عمران قد
تقدم ذكر الأنبياء حيث قال وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب
وحكمة 81
قوله ومن حيث خرجت 144 هذه الآية مكررة ثلاث مرات قيل إن الأولى - 28
لنسخ القبلة والثانية للسبب وهو قوله وإنه للحق من ربك 149 والثالثة للعلة
وهو قوله لئلا يكون للناس عليكم حجة 150 وقيل الأولى في مسجد المدينة
والثانية خارج المسجد والثالثة خارج البلد
وقيل في الآيات خروجان خروج إلى مكان ترى فيه القبلة وخروج إلى مكان لا
ترى أي الحالتان فيه سواء
قلت إنما كرر لأن المراد بذلك الحال والمكان والزمان وقلت في الآية الأولى
ومن حيث خرجت وليس فيها وحيثما كنتم فجمع في الآية الثالثة بين قوله
حيث خرجت وحيثما كنتم ليعلم أن للنبي والمؤمنين في ذلك سواء
قوله إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا 160 ليس في هذه من بعد ذلك وفي - 29
غيرها من بعد ذلك 89 3 لأن قبله هنا من بعد ما بيناه 159 فلو أعاد التبس
قوله لآيات لقوم يعقلون 164 خص العقل بالذكر لأن به يتوصل إلى معرفة - 30
الآيات ومثله في الرعد 4 والنحل 12 والنور 61 والروم 24
قوله ما ألفينا عليه آباءنا 170 في هذه السورة وفي المائدة 7 4 ولقمان - 31
21
ما وجدنا لأن ألفيت يتعدى إلى مفعولين تقول ألفيت زيدا قائما وألفيت
عمرا على كذا ووجدت يتعدى مرة إلى مفعول واحد تقول وجدت الضالة ومرة
إلى مفعولين تقول وجدت زيدا جالسا فهو مشترك فكان الموضع الأول باللفظ
الأخص
أولى لأن غيره إذا وقع موقعه في الثاني والثالث علم أنه بمعناه
32 - قوله أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا 170 وفي المائدة لا يعلمون 104
لأن العلم أبلغ درجة من العقل ولهذا جاز وصف الله به ولم يجز وصفه بالعقل
فكانت دعواهم في المائدة أبلغ لقولهم حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا 104
فادعوا النهاية بلفظ حسبنا فنفى ذلك بالعلم وهو النهاية وقال في البقرة بل
نتبع ما ألفينا عليه آباءنا 170 ولم تكن النهاية فنفى بما هو دون العلم لتكون
كل دعوى منفية بما يلائمها والله أعلم
قوله وما أهل به لغير الله 173 قدم به في هذه السورة وأخرها في - 33
المائدة 3 والأنعام 145 والنحل 115 لأن تقديم الباء الأصل فإنها تجري مجرى
الهمزة والتشديد في التعدي فكانت كحرف من الفعل فكان الموضع الأول
ولى بما هو الأصل ليعلم ما يقتضيه اللفظ ثم قدم فيما سواها ما هو
المستنكر وهو الذبح لغير
الله وتقديم ما هو الغرض أولى ولهذا جاز تقديم المفعول على الفاعل والحال
على ذي الحال والظرف على العامل فيه إذا كان ذلك أكثر للغرض في الإخبار
قوله في هذه السورة فلا إثم عليه 173 وفي السور الثلاث بحذفها لأنه - 34
لما قال في الموضع الأول فلا إثم عليه صريحا كان نفي الإثم في غيره تضمينا
لأن قوله غفور رحيم يدل على أنه لا إثم عليه
قوله إن الله غفور رحيم 173 في هذه السورة خلاف سورة الأنعام فإن - 35
فيها فإن ربك غفور رحيم 145 لأن لفظ الرب تكرر في الأنعام مرات ولأن في
الأنعام قوله وهو الذي أنشأ جنات معروشات 141 الآية وفيها ذكر الحبوب
والثمار وأتبعها بذكر الحيوان من الضأن والمعز والإبل وبها تربية الأجسام فكان
ذكر الرب فيها أليق
قوله
إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا
أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم
ولهم عذاب أليم 174 الآية في السورة على هذا النسق وفي آل عمران
أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا
يزكيهم ولهم عذاب أليم 77 لأن المنكر في هذه السورة أكثر فالمتوعد فيها
أكثر وإن شئت قلت زاد في آل عمران ولا ينظر إليهم في مقابلة ما يأكلون
في بطونهم إلا النار
قوله في آية الوصية إن الله سميع عليم 181 خص السمع بالذكر لما في - 37
الآية من قوله فمن بدله بعدما سمعه ليكون مطابقا وقال في الآية الأخرى
بعدها إن الله غفور رحيم 182 لقوله قبله فلا إثم عليه فهو مطابق معنى له
قوله فمن كان منكم مريضا أو على سفر 184 قيد بقوله منكم وكذلك - 38
فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه 196
ولم يقيد في قوله ومن كان مريضا أو على سفر 185 اكتفاء بقوله فمن شهد
منكم الشهر فليصمه 185 لاتصاله به
قوله تلك حدود الله فلا تقربوها 187 وقال بعده تلك حدود الله فلا تعتدوها -
39
229 لأن الحد الأول نهى وهو قوله ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
187 وما كان من الحدود نهيا أمر بترك المقاربة والحد الثاني أمر وهو بيان عدد
الطلاق بخلاف ما كان عليه العرب من المراجعة بعد الطلاق من غير عدد وما
كان أمرا أمر بترك المجاوزة وهو الاعتداء
قوله يسألونك عن الأهلة 189 جميع ما جاء في القرآن من السؤال وقع - 40
عقبه الجواب بغير الفاء إلا في قوله ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي
105 20 فإنه أجيب بالفاء لأن الأجوبة في الجميع كانت بعد السؤال وفي طه
قبل وقوع السؤال فكأنه قيل إن سئلت عن الجبال فقل ينسفها ربي
قوله ويكون الدين لله 193 في هذه السورة وفي الأنفال ويكون الدين كله - 41
لله 39 لأن القتال في هذه السورة مع أهل مكة وفي الأنفال مع جميع الكفار
فقيده بقوله كله
قوله
م حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم
214 وقال في آل عمران أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين
جاهدوا منكم ويعلم الصابرين 142
وقال في التوبة أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم 16
الآية الخطيب أطنب في هذه الآيات ومحصول كلامه أن الأول للنبي والمؤمنين
والثاني للمؤمنين والثالث للمخاطبين جميعا
قوله لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة 220 219 وفي آخر السورة لعلكم - 43
تتفكرون 266 ومثله في الأنعام لأنه لما بين في الأول مفعول التفكر وهو قوله
في الدنيا والآخرة حذفه مما بعده للعلم به وقيل في متعلقة بقوله يبين الله
لكم الآيات لعلكم تتفكرون 219
قوله ولا تنكحوا المشركات 221 بفتح التاء والثاني بضمها لأن الأول من - 44
نكحت والثاني من أنكحت وهو يتعدى إلى مفعولين والمفعول الأول في الآية
المشركين والثاني محذوف وهو المؤمنات أي لا تنكحوا المشركين النساء
المؤمنات حتى يؤمنوا
قوله
ولا تمسكوهن 231 أجمعوا على تخفيفه إلا شاذا وما في عير هذه
السورة قرئ بالوجهين لأن قبله فأمسكوهن 221 وقبل ذلك فإمساك 229
فاقتضى ذلك التخفيف
قوله ذلك يوعظ به من كان منكم 232 وفي الطلاق ذلكم يوعظ به من - 46
كان يؤمن الكاف في ذلك لمجرد الخطاب لا محل له من الإعراب فجاز الاختصار
على التوحيد وجاز إجراؤه على عدد المخاطبين ومثله عفونا عنكم من بعد
ذلك 52 وقيل حيث جاء موحدا فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وخص
بالتوحيد في هذه السورة لقوله من كان منكم وجمع في الطلاق لما لم يكن
بعده منكم
قوله فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف 234 وقال في - 47
الآية الأخرى من معروف 240 لأن تقدير الأول فيما فعلن بأمر الله وهو المعروف
والثاني فيما فعلن في أنفسهن فعلا من أفعالهن معروفا أي جاز فعله شرعا
قال أبو مسلم حاكيا عن الخطيب إنما جاء
المعروف الأول معرف اللفظ لأن المعنى بالوجه المعروف من الشرع لهن وهو
الوجه الذي دل الله عليه وأبانه والثاني كان وجها من الوجوه التي لهن أن
يأتينه فأخرج مخرج النكرة لذلك
قلت النكرة إذا تكررت صارت معرفة فإن قيل كيف يصح ما قلت والأول معرفة
والثاني نكرة وما ذهبت إليه يقتضي ضد هذا بدليل قوله تعالى كما أرسلنا
إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسولا 16 15 73 فالجواب أن هذه الآية
بإجماع من المفسرين مقدمة على تلك الآية في النزول وإن وقعت متأخرة
في التلاوة ولهذا نظير في القرآن في موضع آخر أو موضعين وقد سبق بيانه
وأجمعوا أيضا على أن هذه الآية منسوخة بتلك الآية والمنسوخ سابق على
الناسخ ضرورة فصح ما ذكرت أن قوله بالمعروف هو ما ذكر في قوله من
معروف فتأمل فيه فإن هذا دليل على إعجاز القرآن
قوله
ولو شاء الله ما اقتتلوا 253 كرر هنا تأكيدا وقيل ليس بتكرار لأن
الأول للجماعة والثاني للمؤمنين وقيل كرر تكذيبا لمن زعم أن ذلك لم يكن
بمشيئة الله تعالى
قوله ويكفر عنكم من سيئاتكم 271 في هذه السورة بزيادة من موافقة - 49
لما بعدها لأن بعدها ثلاث آيات فيها من على التوالي وهي قوله وما تنفقوا
من خير ثلاث مرات
قوله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء 284 يغفر مقدم في هذه السورة - 50
وغيرها إلا في المائدة فإن فيها يعذب من يشاء ويغفر 40 لأنها نزلت بعدها
في حق السارق والسارقة وعذابهما يقع في الدنيا
فقدم لفظ العذاب وفي غيرها قدم لفظ المغفرة رحمة منه تعالى وترغيبا
للعباد في المسارعة إلى موجبات المغفرة جعلنا الله تعالى منهم يمنه وكرمه