*
* أولاً: أقلل من الطعام؛ فإن كثرة الطعام مجلبة للنوم، ولا يخف قيام الليل إلاَّ
على من قلَّ طعامه، ولقد بين رسول الله حدود الشبع وآدابه فقال: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من
بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث
لنفسه». [رواه أحمد والترمذي، وهو في صحيح الجامع برقم: 5550].
قال عون بن عبد الله: «كان قيِّم لبني إسرائيل يقوم عليهم إذا أفطروا فيقول: لا تأكلوا كثيرًا؛ فإن أكلتم
كثيرًا نمتم كثيرًا، وإن نمتم كثيرًا صلَّيتم قليلاً».
وقال عبد الواحد بن زيد: «من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على
الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرته في دينه من قبل بطنه فذاك رجل من العابدين أعمى».
وقال وهب بن منبه: «ليس من بني آدم أحب إلى الشيطان من الأكول النوَّام».
وقال سفيان الثوري: «عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل».
* ثانيًا: الاستعانة بالقيلولة: فإن رسول الله قد وجَّه إلى الاستعانة بها
ومخالفة الشياطين بها، فقال: «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل». [رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 2647].
ومرَّ الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا، قال: «إني لأرى ليلهم ليل سوء».
وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: «القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمة للفؤاد، مقواة على قيام الليل».
* ثالثًا: الاقتصاد في الكد نهارًا: والمقصود به عدم إتعاب النفس من لا ضرورة
منه، ولا مصلحة راجحة، كفضول الأعمال والأقوال والخلطة ونحوها، أما ما يستعديه الكسب والحياة
من الضروريات ولا غنى للمرأ عن الكد لأجله فيقتصد فيه بحسب ما تتحقق به المصالح.
* رابعًا: اجتناب المعاصي وتركها: فالمعصية تقعس عن الطاعة، وتوجب التشاغل
عن العبادات، وتحرم المؤمن التوفيق إلى النوافل والفضائل، ولذلك تواتر عن السلف القول بأن
المعاصي تحرم العبد من القيام.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري؛ فما بالي لا
أقوم؟ فقال: «ذنوبك قيدتك».
وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته. قيل: وما هو؟ قال: رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: «هذا مراء».
وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ فقال: لا تعصه بالنهار،
وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف».
* خامسًا: سلامة القلب من الأحقاد على المسلمين ومن البدع وفضول هموم الدنيا؛ فإن ذلك يشغل القلب ويضغط عليه فلا يكاد يهتم بشيء سواه.
* سادسًا: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل؛ فإنَّه إذا تفكر أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره.
* سابعًا: أن يقف المسلم على فضائل القيام وثمراته فإنها تهيج الشوق وتعلي
الهمة وتحيي في النفس طمعًا في رضوان الله وثوابه، وقد تقدم ذكر أهمها.
* ثامنًا: وهو أشرف البواعث: حب الله وقوة الإيمان؛ لأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج به
ربه ومطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحب
الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة؛ فتحمله لذة المناجاة للحبيب على طول القيام.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * * *