بسم الله الرحمن الرحيم سوف نتحدث اليوم عن قيام الليل وثمراتة
فإليك أخي.. نافلة من نوافل العبادات الجليلة.. بها تكفر السيئات مهما عظمت.. وبها تقضى الحاجات
مهما تعثرت.. وبها يستجاب الدعاء.. ويزول المرض والداء.. وترفع الدرجات في دار الجزاء.. نافلة
لا يلازمها إلا الصالحون؛ فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم.. تلك النافلة هي: قيام الليل.
وقد كان رسول الله يحثُّ أصحابه على القيام ويبين لهم فضله وثوابه في الدنيا والآخرة؛ تحريضًا
لهم على نيل بركاته والظفر بحسناته..
قال : «عليكم بقيام الليل، فإنَّه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن
الجسد» [رواه الترمذي والحاكم].
فما هي فضائل القيام، وما أسباب التوفيق إليه.
** ثمرات قيام الليل **
ثمراته: دعوة تستجاب وذنب يُغفر ومسألة تقضى وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن
وتحصيل للسكينة ونيل الطمأنينة واكتساب الحسنات ورفعة الدرجات والظفر بالنظارة والحلاوة والمهابة
وطرد الأدواء من الجسد.
أخي.. فمن منَّا مستغن عن مغفرة الله وفضله.. ومن منَّا لا تضطره الحاجة.. ومن منَّا يزهد في تلك
الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليل لله!
وإليك أخي توجيهات نبوية تحضك على نيل هذا الخير:
فعن عمرو بن عبسة أنه سمع رسول الله يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف
الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الليلة فكن». [رواه الترمذي وحسنه].
وعن أبي أمامة الباهلي قال: قيل: يا رسول الله! أيُّ الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر،
ودبر الصلوات المكتوبات». [رواه الترمذي وحسنه].
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السَّماء الدنيا، حين
يبقى ثلثل الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له». [رواه البخاري ومسلم].
وعن عثمان بن أبي العاص عن النبي قال: «تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من
داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا
استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشارًا». [رواه الترمذي وحسنه].
** فيا ذا الحاجة **
ها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة.. يقترب منك.. ويعرض عليك رحمته
واستجابته.. وعطفه ومودته.. ويناديك نداء حنونًا مشفقًا: هل من مكروب فيفرج عنه! فأين أنت من هذا العرض السخي!
قم أيها المكروب.. في ثلث الليل الأخير.. وقل: لبيك وسعديك.. أنا يا مولاي المكروب وفرجك
دوائي.. وأنا المهموم وكشفك سنائي.. وأنا الفقير وعطاؤك غنائي..
وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي..
قم.. وأحسن الوضوء.. ثم أقم ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذلَّك واستكانتك.. وأطلعه على نية
الخير والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار.. ولا تبيت فيه نية سوء.. ثم تضرع
وابتهل إلى ربِّك شاكيًا إليه كربك.. راجيًا منه الفرج.. وتيقن أنك موعود بالاستجابة.. فلا تعجل ولا
تدع الإنابة.. فإن الله قد وعدك إن دعوتَه أجابك، فقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ
وَيَكْشِفُ السُّوءَ، ثم وعدك أنه أقرب إليك في الثلث الأخير، فتمَّ لك وعدان، والله جلَّ وعلا لا يخلف الميعاد.
قم يا ذا الحاجة.. ولا تستكبر عن السؤال.. فقد دعاك مولاك إلى التعبد له
بالدعاء فقال سبحانه: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ.. وخير وقت تسأله فيه هو ثلث الليل الأخير.
قم.. ولا تيأس مهما اشتدَّ اضطرارك.. فربَّك قدير لا يعجزه شيء، وإنَّما أمره إذا قضى شيئًا أن
يقول له كن فيكون.. وتذكر أنَّه سبحانه من جميل رحمته قد حرَّم عليك سوء الظن به، كما حرم عليك
اليأس من رحمته، فقال سبحانه: إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.
قم.. وأحسن الظن بربك.. وتحنن إليه بجميل أوصافه.. وسعة رحمته.. وجميل عفوه.. وعظيم عطفه
ورأفته.. فحاجتك ستقضى.. وكربك سيزول.. وليلك سيفجر.. فلا تيأس واطلب في محاريب القيام الفرج!