جاءته امرأة بثوب من الحرير تبيعه له فقال كم ثمنه، قالت مئة، فقال هو خير من مئة ، يعنى هو من يقول لها ارفعى الثمن فهو يستحق أكثر و لا يستغل الفرصة كتاجر !
فقالت مئتين، فقال هو خير من ذلك، حتى وصلت إلى أربع مئة فقال هو خير من ذلك، قالت أتهزأ بي؟ فجاء برجل فاشتراه بخمسمائة....يعنى هو من جاءها بالمشترى ابتغاء مرضاة الله و لم يأخذ نسبة على الوساطة ...
سيرة بلون البنفسج ...!
فلم تكن حياته لعبة مكسب و خسارة يحياها صعودا و هبوطا قفزا و سقوطا كأى تاجر !
** و ذات يوم أعطى شريكه متاعاً وأعلمه أنَّ في ثوب منه عيبا , و أوجب عليه أن يبين العيب عند بيعه , و باع شريكه المتاع و نسي أن يبين , و لم يعلم من الذي اشتراه، فلما علم أبو حنيفة تصدَّق بثمن المتاع كله.
فى الزهد أحمد و النباهة مالك **و أبى حنيفة و الأغر الهاشمى
*** و كان أبو حنيفة يجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة فيشتري بها حوائج الأشياخ و المحدثين
( منح دراسية مجانية لطلبة العلم ) و أقواتهم وكسوتهم و جميع لوازمهم , ثم يدفع باقي الدنانير من الأرباح إليهم ويقول :
أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله , فإني ما أعطيتكم من مالي شيئاً ولكن من فضل الله عليّ فيكم .
فهو شريك لهم إن شاء الله فى كل علم بثوه للأمة ,
و شريك لمن تعلم منهم فى الأجر ...
فلم يكن أبا حنيفة مورثا علمه فقط بل ناشرا للعلم متبرعا سخيا ...
يا وردة ترسل أنوارها **فيضا على الكون من الرابية
*** و قد ذكر في اختياره لطريق العلم والفقه قوله :
كلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة... و رأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته ، وطلب الدنيا والآخرة إلا به ..
**** و من معلميه الفضلاء سادة الأمة و تاركى إرث الذهب لها :
أن أبا حنيفة النعمان حدَّثَ عن :عطاء، ونافع، وعبد الرحمن بن هرمز ، وسلمة بن كُهَيل، وأبي جعفر محمد بن علي، وقتادة، وعمرو بن دينار، وأبي إسحاق، و خلق كثير ! )).
وقال في ((العبر)):
((وروى عن عطاء بن أبي رباح، وتفقه على حمّاد) )
فالرجل كان يروى الحديث , و يتعلم الفقه و يجتهد فهم الحكم الصحيح , فلا يقومن أحد و يقول أنا أتبع فلانا و يترك الحديث !
فالأئمة لم يكن همهم سوى البحث عن الحديث
فإن لم يجدوه اجتهدوا [size=25]... و قالوا لو ثبت حديث يخالف مقالنا فاعملوا بالحديث .. و الزمن الأن مختلف و قد جمعت الأحاديث و حققت ...
فهذا الإمام أبو حنيفة يقول: "إذا صح الحديث فهو مذهبي." ويقول: "لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت." [1]
وهذا الإمام مالك يقول : "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه..." [2]
وهذا الشافعي يقول: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوا ما قلت"، وفي رواية: "فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد..." [3]
وهذا الإمام أحمد يقول: " من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة..." [4] ويقول: "لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا ..." [5]
[1] إيقاظ الهمم ص62.
[2] الانتقاء لابن عبد البر ص145.
[3] إيقاظ الهمم ص72.
[4] مناقب الشافعي ج1 ص472؛ والرواية الأخرى لأبي نعيم في الحلية ج9 ص107.
[5] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ج3 ص430.
فالكل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتمس ,
و لا يرضى تعصبا لشخصه , وانظر فى طيات كتبه تجد المعانى التى سكنت شرايينه و أوردته .. التى بثها طلابه و تلقاها من آبائه العلماء ...
**** و هنا تطبيق :
[/size]