- عليك أن تُعَّلم الطفل أن رمضان ليس موسم للطاعة أتى وانفض، وذهبت معه الطاعة، بل
رمضان هو شهر التغيير. شهر البناء الإيماني لا الفورة الإيمانية؛ فالفورة الإيمانية هي أن
نقوم بعمل الكثير من الطاعات في رمضان ثم بعد انقضائه نعود أدراجنا كما كنا قبل رمضان،
وفي حق هؤلاء قال الله تعالى: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا))
[النحل:92]؛ وهذه الآية تشبه علاقة بعض الناس بالله تعالى كالمرأة التي أخذت تنسج الثوب
حتى إذا ما فرغت منه وكان في أحسن منظر وأبهاه؛ نقضته ليصير خيطًا مرة أخرى،
وهدمت كل ما تعبت وبذلت من أجله.
- وأما البناء؛ فهو أن نستحدث عبادة جديدة لم نكن نفعلها قبل رمضان، فنثبت عليها طوال
العام حتى يأتي رمضان الذي بعده، وهكذا، يظل الطفل في بناء مستمر، فعلامة قبول الطاعة
أن يرزقك الله الطاعة بعدها، فثباتك على الطاعة هي علامة لقبولها.
- لذا كن أنت له قدوة؛ فقد قيل أن "فعل رجل في ألف رجل، أبلغ من قول ألف رجل لرجل"،
فهكذا لن يثبت ابنك على الطاعة إلا لو كنت أنت أصلًا محافظًا على هذه الطاعات، ولا بأس
أن تصطحبه معك حين تصلي، أو تُعلِمه أنك صائم، حتى يتخذ منك قدوة ومثلًا، ولتعلم أن
أعين الصغار معقودة على أفعال آبائهم لا تفارقها قيد أنملة؛ والله تعالى قد نهانا عن مخالفة
قولنا فعلنا، فقال: ((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) [البقرة:44].
- فالقدوة تلعب دورا هاماً ورئيساً في توجيه سلوك الطفل، لذا فإنه إذا شعر مثلا بحب والديه
للقرآن من خلال تصرفاتهما فإن هذا الشعور سوف ينتقل إليه تلقائياً ، ودون جهد منهما. فإذا
سمع أبيه يتلو القرآن، أو رأى والديه –أو مَن يقوم مقامهما في تربيته – يتلوان القرآن بعد
الصلاة ، أو في أثناء انتظار الصلاة ، أو اعتاد أن يراهما يجلسان لقراءة سورة الكهف يوم
الجمعة في جو هادىء فإنه سيتولد لديه شعور بالارتياح نحو القرآن.
- وإذا رأى الطفل الأم تستمتع بالإنصات لآيات القرآن الكريم وهي تطهو أو تنظف المنزل،
ورأى نفس الشيء يحدث مع والده وهو يقوم بترتيب مكتبته مثلاً, أو رَيّ الحديقة فإن ذلك
يجعله يفضِّل أن يستمع إليه هو الآخر حين يكبر وهو يؤدِّي أعمالاً روتينية مشابهة.
- استخدم أسلوب المدح كلما رأيت الطفل محافظ على الصلاة، أو مسارعته في فعل طاعة
كان يقوم بها في رمضان، ويا حبذا لو كان هذا المدح أمام أصحابه وأقرانه، أو بين الأهل في
الاجتماعات العائلية، فإن المدح له أبلغ الأثر في نفوس الأطفال، فمثلًا؛ حينما تجتمع العائلة بعد
رمضان، قل لهم أمامه: (ألم تعلموا أن تامر قد بدأ الصلاة من رمضان الماضي، وتعلمها
حتى أجادها؟!).
- استخدم أسلوب جداول التقييم مع الطفل فيضع أمام كل صلاة علامة الصواب دليلًا على
تأديته لها، وكلما رأيت من أدائه ثباتًا وتحسنًا احرص على مكافأته، ولو بهدية رمزية بسيطة.
- بين الحين والآخر ذكره بثواب هذه الطاعة التي تعلمها، وبالفضل والأجر الكبير الذي أعده
الله لفاعلها، واذكر له آية أو حديثًا ورد فيها كل حين وآخر، ولو وجدت مواقف لصغار
الصحابة والتابعين في محافظتهم على هذه الطاعة فقصها عليه.