الباب الثاني في الفرق بين ما كان من هذا النوع كلاما
فمن الكلام الاسم والتسمية واللقب والصفة فالفرق بين الاسم والتسمة والاسم واللقب أن الاسم في ما قال
ابن السراج ما دل على معنى مفرد شخصا كان او غير شخص وفي ما قال أبو الحسن علي بن عيسى
رحمه الله كلمة تدل على معنى دلالة الاشارة واشتقاقه من السمو وذلك أنه كالعلم ينصب ليدل على
صاحبه وقال أبو العلاء المازني رحمه الله الاسم قول دال على المسمى غير مقتض لزمان من حيث هو
اسم والفعل ما قتضى زمانا أو تقديره من حيث هو فعل قال والاسم اسمان اسم ما اقتضى زمانا أو
تقديره من حيث هو فعل قال والأسم أسم محض وهو قول دال الأشارة واسم صفة وهو قول دال دلالة الإفادة
________________________________________
وقال علي بن عيسى التسمية تعليق الاسم بالمعنى على جهة الابتداء وقال أبو العلاء اللقب ما غلب على
المسمى من اسمعلم بعد اسمه الأول فقولنا زيد ليس بلقب لأنه أصل فلا لقب إلا علم وقد يكون علم ليس
بلقب وقال النحويون الاسم الأول هو الاسم المستحق بالصورة مثل رجل وظبي وحائط وحمار وزيد هو
اسم ثان واللقب ما غلب على المسمى من اسم ثالث وأما النبز فإن المبرد قال هواللقب الثابت قال
والمنابزة الإشاعة باللقب يقال لبني فلان نبز يعرفون به إذا كان لهم لقب ذائع شائع ومنه قوله تعالى (
ولا تنبروا بالألقاب ) وكان هذا من أمر الجاهلية فنهى الله تعالى عنه وقيل ا لنبز ذكر اللقب يقال نبز
ونزب كما يقال جذب وجبذ وقالوا في تفسير الآية هو أن يقول للمسلم يا يهودي او يا نصراني فينسبه إلى ما تاب منه
الفرق بين الاسم والصفة
أن الصفة ما كان من الاسماء مخصصا مفيدا مثل زيد الظريف وعمرو العاقل وليس الاسم كذلك فكل
صفة اسم وليس كل اسم صفة والصفة تابعة للاسم في إعرابه وليس كذلك الاسم من حيث هو اسم ويقع
الكذب والصدق في الصفة لاقتضائها الفوائد ولا يقع ذلك في الاسم واللقب فالقائل للأسود أبيض على
الصفة كاذب وعلى القب غير كاذب وعلى اللقب غير كاذب والصحيح من الكلام ضربان أحدهما يفيد
فائدة الاشارة فقط وهو الاسم العلم واللقب وهو ما صح تبديله واللغة مجالها كزيد وعمرو لأنك لو سميت
زيدا عمرا لم تتغير اللغة
والثناني ينقسم أقساما فمنها مايفيد إبانه موصوف من موصوف كعالم وحي منها ما يبين نوعا من نوع
كقولنا لون وكون واعتقاد وإرادة
ومنها ما يبين جنسا من جنس كقولنا جوهر وسواد وقولنا شيء يقع على يعلم وإن لم يفد أنه يعلم
الفرق بين الصفة والنعت
________________________________________
أن النعت في ما حكى أبو العلاء رحمه الله لما يتغير من الصفات والصفة لما يتغير ولما لا يتغير فالصفة
أعم من النعت قال فعلى هذا يصح أن ينعت الله تعالى بأوصافة لفعله لأنه يفعل ولا يفعل ولا ينعت
بأوصافة لذاته إذ لا يجوز أن يتغير ولم يستدل على صحة ما قاله من ذلك بشيء والذي عندي أن النعت
هو ما يظهر من الصفات ويشتهر ولهذا قالوا هذا نعت الخليفة كمثل قولهم الأمين والمأمون والرشيد وقالوا
أول من ذكر نعته على المنبر الأمين ولم يقولوا صفته وإن كان قولهم الأمين صفة له عندهم لأن النعت
يفيد من المعاني التي ذكرناها ما لا تفيده الصفة ثم قد تتداخل الصفة والنعت فيقع كل واحد منهما موضع
الآخر لتقارب معنييهما ويجوم أن يقال الصفة لغة والنعت لغة أخرى ولا فرق بينهما في المعنى والدليل
على ذلك أن أهل البصرة من النحاة يقولون الصفة وأهل الكوفة يقولون النعت ولا يقرقون بينهما فأما
قولهم نعت الخليفة فقد غلب على ذلك كما يغلب بعض الصفات على بعض الموصفين بغير معنى يخصه
فيجري مجرى اللقب في الرفعة ثم كثروا حتى استعمل كل واحد منهما في موضع الآخر
الفرق بين الصفة والحال
أن الصفة تفرق بين اسمين مشتركين في اللفظ والحال زيادة في الفائدة والخبر قال المبرد إذا قلت جاءني
عبد الله وقصدت إلى زيد فخفت أن يعرف السامع جماعة أو اثنين كل واحد عبد الله أو زيد قلت الراكب
أو الطويل أو العاقل وما أشبه ذلك من الصفات لتفصل بين من تعني وبين من خفت أن يلبس به كأنك
قلت جاءني زيد المعروف بالركوب أو المعروف بالطول فإن لم ترد هذا ولكن أردت الإخبار عن الحال
وقع فيها مجيئة قلت جاءني زيد راكبا أو
ماشيا فجئت بعده بنكرة لا تكون نعتا لأنه معرفة وإنما أردت أن مجيئه وقع في هذه الحال ولم ترد
جاءني المعروف بالركوب فإن أدخلت الألف واللام صارت صفة للاسم المعروف وفرقا بينه وبينه
الفرق بين الوصف والصفة
________________________________________
أن الوصف مصدر والصفة فعله وفعله نقضت فقيل صفة وأصلها وصفة فهي أخص من الوصف لأن
الوصف اسم جنس يقع على كثيره وقليله والصفة ضرب من الوصف مثل الجلسة والمشية وهي هيئة
الجالس والماشي ولهذا أجريت الصفات على المعاني فقيل العفاف والحياء من صفات المؤمن ولا يقال
أوصافه بهذا المعنى لأن الوصف لا يكون إلا قولا والصفة أجريت مجرى الهيئة وإن لم تكن بها فقيل
للمعاني نحو العلم والقدرة صفات لأن الموصوف بها يعقل عليها كما ترى صاحب الهيئة على هيئة
وتقول هو على صفة كذا وهذه صفتك كما تقول هذه حليتك ولا تقول هذا وصفك إلا أن يعنى به وصفه للشيء
الفرق بين التحلية والصفة
أن التحلية في الأصل فعل المحلي وهو تركيب الحيلة على الشيء مثل السيف وغيره وليس هي من قبيل
القول واستعمالها في غير القول مجاز وهو أنه قد جعل ما يعبر عنه بالصفة صفة كما أن الحقيقة من
قبيل القول ثم جعل ما يعبر عنه بالحقيقة حقيقة هو الذات إلا أنه كثر به الاستعمال حتى صار كالحقيقة