انس البراء عضو سوبر
تاريخ التسجيل : 28/09/2009 عدد المساهمات : 2171
| موضوع: الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية الثلاثاء 30 أغسطس 2011, 7:16 pm | |
| س11- كنت في الصحراء مع غنمي، وجاء كلب فعضني عضة قوية، وكنت على طهارة، فهل ينتقض الوضوء بعد العضة وهل يلزمني أن أغسل المكان سبع مرات، أفيدونا؟ جـ - لا ينتقض الوضوء بهذه العضة، حيث لم يذكروا ذلك مع نواقض الوضوء الثمانية، وكذا لا يلزمه غسل موضع فم الكلب، فإن الغسل إنما ورد للإناء الذي ولغ فيه الكلب، أي غسل أثر لعابه، الذي التصق بالإناء. فأما العض فلا يسمى شربا ولا ولوغا. ويكفي غسل أثر العض مرة أو نحوها، كما يفعل ذلك بالصيد الذي يمسكه بفمه، وقد يجرحه بأنيابه، حيث يكتفي بغسله مرة واحدة لإزالة ذلك الأثر، ويؤكل الصيد، والله أعلم. س12- امرأة تسأل وتقول: هل للمرأة أن تطلب الطلاق إذا ثبت أن زوجها عقيم أم ليس لها ذلك؟ جـ - إذا كانت لا تعلم حالة الزوج قبل النكاح، ولم يخبرها بأنه عقيم، ثم ثبت العقم له، وعلمت أنه لا بأس بها، وأن عدم الإنجاب إنما هو من الزوج، فإن لها الحق في طلب الفراق إن رغبت في الأولاد لنفعهم في الحياة الدنيا وبعد الموت، فقد حكى الله - تعالى - عن زكريا قوله: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ))وقوله: ((رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ))وقولـه: ((رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ))وعن إبراهيم - عليه السلام - قوله: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ))وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ))رواه مسلم وهذا دليل على ما فطر الله الإنسان عليه من محبة الولد الصالح، والله أعلم. س13- يطلق البعض من الناس على النساء الممرضات كلمة (ملائكة الرحمة)، فهل هذا يجوز أم لا؟ جـ - لا يجوز هذا الإطلاق، ولا مناسبة له، فإن هؤلاء الممرضات قد يكن نصرانيات، كما هو مشاهد، أو بوذيات، والغالب عليهن التكشف وإبداء الزينة، وأنهن لا يعرفن التحجب ولا التستر عن الرجال الأجانب، ولا شك أن ملائكة الرحمة هم الذين ينزلون لقبض روح المؤمن، وينزلون ومعهم أكفان من الجنة وحنوط من الجنة وياسمين من الجنة. وفي الصحيحين في حديث الذي قتل مائة نفس ثم تاب وهاجر فمات، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، الحديث. وهو يدل على أن ملائكة الرحمة من عباد الله المسخرين للنزول بالرحمة، وعلى هذا لا ينبغي تسمية النساء الممرضات بهذا الاسم، الذي هو خاص بالملائكة المقربين، ولو كان في قلوبهن رحمة، ولو عملن بالمرضى عملا حسنا، بل يلتمس لهن اسم مناسب لعملهن، والله أعلم. س14- كثيرا ما نسمع عن القضاء والقدر، فهل هما كلمتان مختلفتان أم هما بمعنى واحد؟ جـ - هاتان اللفظتان متقاربتان غير مترادفتين؛ فالقدر يفسر بالقضاء والحكم وبما قدَّره الله وقضاه، وحكم به في الأزل، وهو تقدير الله - تعالى - للأعمار والآجال والحوادث وجميع ما هو كائن إلى يوم القيامة. فالحديث ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السمـاوات والأرض بخمسين ألف سنـة ))رواه مسلـم فهـو أن الله - سبحانه - علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا، وعلم ما يحدث في الكون، وقدر لكل حادث وقتا وزمانا، لا يتجاوزه ولا يختلف عنه. وأما القضاء فيطلق على الحكم، ومنه أحكام القضاة، وهي الفصل بين المتنازعين، ويطلق على الفراغ، كقوله تعالى: ((فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ))أي خلقهن. فالقضاء والقدر أمران متلازمان فالقدر هو التقدير والتحديد. والقضاء هو الخلق والإيجاد، لما هو مقدر مكتوب معلوم للرب - تعالى - وقد يدخل أحدهما في الآخر عند ذكره مفردا فيعم الأمرين، والله أعلم. س15- نرجو من فضيلتكم شرح هذا الحديث داووا مرضاكم بالصدقة . جـ - هذا الحديث رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة الأسود النخعي ثم رواه في ترجمة إبراهيم النخعي عن موسى بن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء ثم قال: غريب من حديث إبراهيم والحكم تفرد به موسى . ورواه الخطيب في تأريخه في ترجمة إسحاق بن كعب مولى بنى هاشم بإسناده عنه عن موسى بن عمير وقال: تفرد به موسى عن الحكم بن عتيبة ورواه الطبراني في الكبير برقم 10196 من طريق موسى بن عمير بلفظه وإسناده، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3\ 64 وعزاه أيضا للطبراني في الأوسط قال: وفيه موسى بن عمير وهو متروك. لكن ذكره السيوطي أيضا في الجامع الصغير بلفظ داووا مرضاكم بالصدقة وعزاه لأبي الشيخ في الثواب عن أبي أمامة - رضي الله عنه - ثم ذكره أيضا بزيادة في آخره، وعزاه للديلمي في مسند الفردوس ورمز له بالضعف. وقد رواه أبو داود في المراسيل قبيل كتاب الزكاة عن الحسن مرسلا مرفوعا بنحوه، وذكر إسناده المزي في تحفة الأشراف برقم 18527 ومن هذه الطرق والمتابعات يعلم أنه حديث له أصل، ومعناه أن الصدقة علاج نافع مفيد يشفي الأمراض ويخفف الأسقام، ويؤيـده قـول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ))فلعل بعض الأمراض تحدث عقوبة على ذنب أصابه المريض ، فمتى تصدق عنه أهله زالت الخطيئة، فزال سبب المرض ، أو أن الصدقة تكتب له حسنات، فينشط قلبه بها ويخف مع ذلك ألم المرض، والله أعلم. س16- هل هذا حديث صحيح أن التجارة فيها تسعة أعشار الرزق كما نسمع ذلك كثيرا؟ جـ - لم أجده في كتب الحديث مثل (جامع الأصول) و(مجمع الزوائد) و(الترغيب والترهيب) ونحوها، وقد ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الوصابي في كتابه (البركة في السعي والحركة) ص 193 وجزم برفعه، لكنه يذكر أحاديث ضعيفة ولا يعزوها إلى مخرجيها، وحيث لم يروه أهل الصحاح والسنن والمسانيد المشهورة، فالظاهر أنه ضعيف، ويمكن أنه موقوف أو مقطوع أو حكمة من الحكم، قالها بعضهم لما شاهده من أرباح وثروات تحصل بالتجارة. وقد ورد في التجارة جملة كثيرة من الأحاديث في فضلها وفي آدابها مذكورة في (الترغيب والترهيب) للمنذري وغيره، ومنها أحاديث صحيحة كقوله - صلى الله عليه وسلم - (( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما )) متفق عليه وحديث: (( أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور )) رواه أحمد والبزار والطبراني وغيرهم عن ابن عمر ورافع بن خديج وأبي بردة بن نيار وغيرهم، والله أعلم. س17- كثيرا ما نسمع هذه الكلمة انتقل إلى جوار ربه لمن مات، فهل هذا جائز؟ جـ - أرى أنه لا بأس بذلك، وكذا قولهم: قدم على ربه، وانتقل إلى رحمة الله ونحو ذلك، وهو من باب التفاؤل للمسلم وإحسان الظن به، فإنه يستحب حسن الظن بالمسلم بعد موته، والدعاء له، وذكر محاسنه، والكف عن أخطائه، رجاء أن يزوده إخوانه بدعوات صالحة، يقبلها الله فيغفر له، فيكون مرادهم: بجوار ربه: أن روحه انتقلت ورفعت إلى السماء، كما ورد أن الملائكة يصعدون بأرواح المؤمنين، وتفتح لها أبواب السماء، فتكون بجوار ربها كما يشاء، والله أعلم. س18- امرأة لديها طفل لم يتجاوز السنة الأولى من عمره، كانت ترضعه، ثم نامت، ولما أصبحت وجدت أن ابنها قد مات وفارق الحياة، وهي تعتقد أنه مات بسببها، حيث إنها كثيرة الحركة في أثناء النوم. فماذا يلزمها شرعا؟ جـ - يترجح أنه مات بسبب ضغطها وضمها له، مع أن العادة أنه إذا كان الطفل قد قارب السنة من عمره، فإنه عند ضمها له يضطرب وتكثر حركته ويحاول التخلص قبل موته، وتلك الحركة تكون سببا لانتباهها وشعورها بأنها قد تحاملت عليه، لكن إذا كانت ثقيلة النوم وكثيرة الحركة سيما من عمرها دون الثلاثين، فإنها قد لا تشعر بحركته، وبالجملة أرى أن عليها الدية والكفارة. فأما الدية فهي لأبيه، ويمكن أن يعفو عنها. وأما الكفارة: فهي تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما هو معروف في كفارة قتل الخطأ والله أعلم. س19- هل يجوز سقيا النخيل والأشجار المثمرة بمياه المجاري أم لا؟ أفيدونا مأجورين. جـ - هذه المياه تحمل النجاسة الظاهرة، وتختلط بالأبوال والأقذار، ويظهر ذلك في لونها وفي رائحتها، فعلى هذا أرى أنه لا يجوز استعمالها في سقي النخيل والأعناب والتين والرمان ونحوها، مما له ثمرة مأكولة، فإن هذه النجاسات يظهر أثرها في تلك الثمار، وتؤثر صحيا على من تغذى بها، لكن يمكن أن تصفى وتبستر ويعمل فيها ما يزيل أثر النجاسات، فتصبح صالحة لسقي الأشجار والبهائم أو يضاف إليها ما يزيل أثر النجاسات من طهور كثير ونحوه. فقد قال في زاد المستقنع: فإن أضيف إلى النجس طهور كثير غير تراب ونحوه أو نزح منه فبقي كثير غير متغير أو زال تغير النجس الكثير بنفسه طهر، والله أعلم. س20- ما هو علاج الهم والحزن في الشريعة الإسلامية ؟ جـ - العلاج المفيد هو دعاء الله - تعالى - بما ورد في السنة النبوية، فمن ذلك حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل فيَّ قضاؤُك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا ))رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم والبزار وأبو يعلى وغيرهم وصححه بعضهم. وفي الصحيحين عن أنس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال ))وغير ذلك من الأدعية، ومن العلاج للهم والحزن كثرة ذكر الله - تعالى - في كل الأحوال، فله أثر في تخفيف آلام القلب كما قال تعالى ((أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))وقال الشاعر:-
بذكر الله ترتاح القلوب ودنيانـا بذكـراه تطيـب ومن العلاج للهم والحزن تحقيق الإيمان بالله - تعالى - والإكثار من الأعمال الصالحة، حيث إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في هذا الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا. وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ))متفق عليه . ثم إن المؤمن المحتسب واثق بوعد الله - تعالى - بقوله - عز وجل - ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ))فالحياة الطيبة يزول معها الهم والحزن. ولعل السبب في ذلك أن المؤمنين بالله الإيمان الحقيقي الذي من ثمرته وتمامه العمل الصالح معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من المحبات والمسرات بقبول وشكر لله عليها، كما يتلقون المكاره والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته، والصبر الجميل لما لا بد من وقوعه. كما أن من العلاج للهم والحزن الاشتغال بالأعمال والحرف وتعلم العلوم النافعة، ففي ذلك انشغال عن أسباب الهموم والأحزان ونسيان لها، فإن كان عمله عبادة أو علما مفيدا فله أجر على ذلك مع الاحتساب، وإن كان عمله دنيويا أفاده أجرا مع النية الصالحة، وحصل فيه سلامة من تلك الأسباب التي تشغل القلب فعليه أن يُقبِل على أعماله اليومية وما يرتبه في كل وقت وأن يغفل عما مضى. ومن أسباب الراحة وطمأنينة القلب السعي في إزالة الأسباب التي جلبت الهم والحزن إذا كانت معلومة، وذلك بعلاجها والنظر في منشأ كل منها، والنظر في تخفيفه مع استشارة أهل الرأي والفكر من إخوانه وأحبابه، فبزوالها أو تخفيفها يسعد في حياته، وما وقع ولم يمكن تداركه تسلى عنه ورضي بقضاء الله وقدره، وأكثر من سؤال ربه أن يحميه في مستقبل حياته، وأن يصلح له دينه ودنياه وآخرته، وأن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن لا يَكِله إلى نفسه ولا إلى أحد من خلقه، فلعله بذلك يسلم من كل ما يكدر عليه صفو حياته، والله أعلم. س21- ما هي الآداب القولية والفعلية التي ينبغي أن يكون عليها المسلم عندما يزور المرضى؟ أفيدونا أثابكم الله. جـ - عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (( إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع )) رواه مسلم . ومن الآداب الفعلية أن يزوره كل ثلاث ليال، حتى لا يثقل عليه، إذا علم أن كثرة العيادة تكلفه. أما إن علم أن المريض يفرحه التردد عليه ويسيء الظن بأخيه المسلم إذا تأخر عنه فله أن يعوده كل يوم أو يومين. ومن الآداب الفعلية أن لا يثقل عليه ولا يطيل الجلوس إذا خاف أنه يحرجه؛ وذلك لأن بعض المرضى يتبرم من كثرة الزائرين وطول مكثهم عنده، حيث قد يكلفه الجلوس والتجلد أمامهم. ومن الآداب القولية أن يعتذر الزائر عن التأخر إن رأى ذلك، وأن يدعو للمريض بالشفاء والعافية، وأن ينفس له في أجله، ويبشره بالأجر الكبير، على الصبر والاحتساب، ويحثه على الوصية، وأنها لا تقرب الأجل، وأن عليه الصبر والرضى بما قدره الله عليه، وبذلك يؤدي حق أخيه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (( حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض )) الحديث، والله أعلم. س22- هل يؤجر الإنسان على تبرعه بالدم ؟ وهل ينطبق عليه قوله تعالى: ((وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ))أفيدونا مأجورين. جـ - لم يكن التبرع بالدم معروفا فيما سبق، فلذلك لم يذكر الأطباء الأولون العلاج بحقن الدم في العروق، وإنما هو شيء جاء في الطب الحديث، ولا شك أنه مما ظهر أثره ونفعه وتأثيره في المرضى، فلذلك أصبح العلاج به سائغا ومشهورا، ولا شك أن الذي يتبرع بشيء من دمه الزائد الذي لا يضره أخذه لينقذ به مريضا مدنفًا، ويكون سببا في زوال مرضه أو تخفيفه، هو مما يؤجر عليه احتسابا، ولعله يدخل في الآية الكريمة، إذا كان الشفاء يتوقف على هذا التبرع بإذن الله تعالى، مع أن كثيرا من العلماء قد أفتوا بمنع العلاج بالدم، وعللوا بنجاسته وتحريمه، وبحديث إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ولكن لما أصبح مجربا ومفيدا، وليس فيه مباشرة النجاسة، حض فيه العلماء المتأخرون، وجعلوه من باب الضرورات، أو من العلاج المفيد بما لم يتحقق تحريمه، والله أعلم. س23- إذا مد الكافر يده إليَّ مصافحا فهل يجوز لي أن أمد يدي له، وأنا أعلم أنه غير مسلم؟ جـ - ورد الحديث الصحيح بلفظ: ((لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ))فهذا في لفظ السلام، ففي المصافحة أولى بأخذ الحذر، ولكن قد يجوز مصافحته، إذا رجي إسلامه، ويكون ذلك من باب المداراة والدعوة إلى الله وحسن المعاملة، حتى يأخذ عن الإسلام وأهله فكرة حسنة مما يكون دافعا له إلى اعتناقه، وإلى ذكر المسلمين بين غيرهم بما يقتضي السمعة الحسنة وخصال الخير وحسن الملاطفة ولين الجانب، لكن متى عرف من الكافر الحقد والبغض للإسلام وأهله وإضمار الحقد والكراهية والعناد، فإن معاملته تكون بالشدة والغلظة؛ لقوله تعالى: ((جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ))والله أعلم. س24- هل كان الخلفاء الراشدون لديهم أكثر من زوجة ؟ جـ - نعم تزوج أبو بكر قتيلة بنت عبد العزى فولدت له عبد الله وأسماء ثم تزوج أم رومان وهي أم عائشة وعبد الرحمن ثم تزوج أسماء بنت عميس بعد جعفر بن أبي طالب فولدت له محمد بن أبي بكر وتزوج حبيبة بنت خارجة وهي أم ابنته أم كلثوم بنت أبي بكر - رضي الله عنه. أما عمر فتزوج زينب بنت مظعون وهي أم عبد الله وعبد الرحمن وحفصة وتزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي أم زيد ورقية وتزوج أم كلثوم بنت جرول وهي أم زيد الأصغر وعبيد الله وتزوج جميلة بنت ثابت وهي أم عاصم وتزوج أم حكيم بنت الحارث فولدت له فاطمة وتزوج عاتكة بنت ابن عمه زيد بن عمرو وهي أم عياض بن عمر. أما عثمان فتزوج رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فماتت في غزوة بدر ثم تزوج أختها أم كلثوم فماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوج فاطمة بنت غزوان وله منها أولاد، وتزوج أم عمر بنت جندب وفاطمة بنت الوليد وأم البنين بنت عيينة بن حصن ورملة بنت شيبة ونائلة بنت الفرافصة وكلهن لهن أولاد. أما علي فتزوج فاطمة ثم خولة بنت جعفر الحنفية وليلى بنت مسعود وأم البنين بنت حزام وأسماء بنت عميس والصهباء بنت ربيعة وأمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأم سعيد بنت عروة بن مسعود ومحياة بنت امرئ القيس عدي وله منهن أولاد، ولهم أولاد من الإماء كثير. س25- أريد صلة أرحامي، ولكن عندما أزورهم أشاهد بعض المنكرات مثل: اجتماع النساء مع الرجال، والتدخين من بعضهم أمام الآخرين، فكيف أصلهم والحال ما ذكر؟ جـ - عليك بنصحهم وإرشادهم وتحذيرهم من العقوبة على هذه المنكرات، وتحذير النساء من التكشف أمام الرجال ولو كانوا من الأقارب، فإن ذلك من ذرائع الفواحش، فقد قال تعالى: ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ))الآية، فمن الزينة الوجه واليدان والقدمان ونحو ذلك، فلا تبديه إلا لمحارمها، وهكذا نصحهم عن تعاطي الدخان، وهو الذي ينكره كل ذي عقل سليم من مسلم وكافر، ويعرف ضرره كل عاقل، ويحذره الناصح الأمين، ومتى تكرر نصحك لهم فلم يقبلوا أو سخروا منك وأصروا على غيهم وفسادهم، فقللْ من زيارتهم، وتَحَرَّ الأوقات التي لا يحصل فيها تعاطي المنكرات، فمتى لاموك واستنكروا هجرانك فاعتذر إليهم بما تخشاه من إقرار المنكر، أو خشية الوقوع فيه، فلعل ذلك يدعوهم للانتباه، والله المستعان. س26- هل الأعياد والجُمع تسقط عن المسافر أم لا؟ جـ - المسافر غالبا يلقى مشقة وصعوبة في السفر من الحل والترحال، ومواصلة السير في النهار كله وفي جزء من الليل، ولا شك أن المشقة تجلب التيسير، فلذلك يقصر الصلاة الرباعية تخفيفا عنه، ويجمع بين الصلاتين، ويفطر في رمضان، فعلى هذا لا يكلف في السفر بصلاة الجمعة والعيد، وهذا كان في الأسفار القديمة، التي تحصل فيها الصعوبات والمشقات، فأما في هذه الأزمنة فقد خفت المؤنة، وتقاربت الأسفار، وسهلت تلك الصعوبات، وأصبح المسافر لا يتكلف ما كان يلقاه سابقا، فلا مشقة عليه إذا مر بقرية في طريقه وفيها صلاة جمعة أو عيد أن يقف ساعة أو نحوها، ويؤدي معهم الصلاة. وهكذا إذا كان في البرية نازلا وبينه وبين المسجد الجامع نحو ساعة أو ساعتين بسير السيارة، فالمستحب المؤكد أن يصلي الجمعة في أقرب مسجد إليه، وبطريق الأولى إذا كان مقيما في البلد في فندق أو بيت، ومرت به جمعة، فلا يحق له أن يترك الجمعة، وهو يسمع المؤذن والخطيب بقرية، ولا عذر له في تركها، فيحضرها وتنعقد به ويصح أن يتولى الخطابة والإمامة في الجمعة والعيد، ولو كان مسافرا والله أعلم. س 27- هل يجوز للمسلم أن يقسم أمواله كلها على ورثته وهو حي (حسب التقسيم الشرعي)؟ جـ - يكره له ذلك إذا اتهم بقصد حرمان الزوجة أو الأم ونحوهما، ويجوز أن يعطي أولاده الذكور والإناث من ماله، ويعدل بينهم حسب القسمة الشرعية، بقدر إرثهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يستحب له أن يمكنهم من أمواله كلها في حياته، ويبقى لا مال له سيما إذا كان فيهم من هو سفيه أو مبذر، لقوله تعالى: ((وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ))ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض، لحديث: ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ))فالعدل هو التسوية الشرعية حسب كتاب الله تعالى، والله أعلم. | |
|