انس البراء عضو سوبر
تاريخ التسجيل : 28/09/2009 عدد المساهمات : 2171
| موضوع: - خطبة في { إنما الأعمال بالنيات } الجمعة 26 فبراير 2010, 4:56 pm | |
| 10- خطبة في { إنما الأعمال بالنيات } ([1])الحمد لله العالم بالبواطن والظواهر ، والخفيات والجليات ، المطلع على مكنون الصدور وخبايا الأمور ، ودقيق المخلوقات في زوايا الظلمات ، يعلم السر وأخفى ، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى وكامل الصفات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الذي شهدت له بالربوبية جميع الموجودات ، وأذعن له بالألوهية والإخلاص خلاصة المخلوقات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الرسل وسيد البريات ، اللهم صل وسلم وبارك على محمد ، وعلى آله وأصحابه أهل السرائر الصافيات ، وعلى التابعين لهم بإحسان في صحة العقيدة وزكاء النيات . أما بعد : أيها الناس ، اتقوا الله تعالى وأطيعوه ، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فأحذروه ، قال r { إنـما الأعـمال بالنيات وإنـما لكـل امرئ ما نوى } ([2]) ، وهذا من جوامع كلماته الشريفة ، ومن أعظم أصول الشريعة المنيفة ، فيدخل في هذا جميع العبادات والعادات ، ويتناول المعاملات والمعاوضات والتبرعات ، فلا يصح لأحد صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج إلا بالنية ، ولا تكمل عباداته كلها وينمو ثوابها إلا بكمال الإخلاص وصحة الطوية ، والنية بها تميز فروض العبادات من نفلها ، وبإخلاصها لله ، يعظم أجرها ، ويفوز العامل بفضلها . أيها الناس : وطنوا نفوسكم على الاحتساب في كل شيء وإرادة وجه الله ، ومرنوها على محبة الخير للمسلمين والنصح لعباد الله ، فإن الله لا ينظر إلى صوركم الظاهرة وأعمالكم ، وإنما ينظر إلى بواطن قلوبكم ، ومـا اشتملت عليه من أحوالكم ، وعودوا أنفسكم الإخلاص في كل ما تأتون وما تذرون ، واحتساب الأجر فيما تسرون وما تعلنون ، ليكون الإخلاص لكم قرينا ، وارتقاب الثواب على الخير لكم عوينا ، فمن كان مشتغلا بتجارة ، أو صناعة ، أو حرفة ، أو فلاحة ، أو غيرها من الأعمال ، فلينو بذلك القيام بواجب النفس والأهل والعيال ، فإن ذلك جهاد واشتغال بالواجب ؛ وهو من أفضل الأعمال ، وإذا أطعم أحدكم أهله أو من يمونه فليقصد بذلك وجه الله ، فإنه إذا رفع اللقمة إلى في امرأته أو ولده أو كساهم محتسبا كان له رفعة وثوابا عند الله . ومن أكل أو شرب أو نام أو استراح ، ينوي بذلك التقوي على الطاعة فهو في عبادة ، ومن طلب العلم يبتغي به وجه الله ونفع نفسه والمسلمين فهو في جهاد ورفعة وزيادة ، ومن عجز عن فعل الخير فنواه بصدق فله أجر ما نواه ، ومن كان له عادة خير وطاعة فمرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما ، فما أحق العبد بشكر مولاه ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، ومن هم بسيئة فتركها لله كتبها الله عنده حسنة كاملة ، ومن حرص على فعل المعصية فعجز عنها فهو بمنزلة الفاعل ، ومن سعى في خير فأدركه الموت قبل تكميله وقع أجره على الله الذي أكرمه بلطفه الشامل ، ومن أخذ أموال الناس وعاملهم يريد الوفاء أداها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ، ومن توسل بحيلة إلى معاملة محرمة فهو مخادع ظالم ، ومن وقف وقفا أو أوصى بوصية يريد حرمان غريمه أو مضارة وارثه فهو معتد آثم ، ومن عضل زوجته وظلمها لتفتدي منه نفسها فذلك من أعظم الجرائم ، فطوبى لأهل الهمم العالية ، لقد انقلبت عاداتهم بالنية الصالحة عبادات ، ويا ويح أهل الجهل والهمم الدنيّة ، لقد كادت عباداتهم لضعف النية تكون عادات ، قال تعالى : { ومن اراد الأخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن ([1]) البخاري بدء الوحي (1) ، مسلم الإمارة (1907) ، الترمذي فضائل الجهاد (1647) ، النسائي الطهارة (75) ، أبو داود الطلاق (2201) ، ابن ماجه الزهد (4227) ، أحمد (1/43) . ([2]) البخاري بدء الوحي (1) ، مسلم الإمارة (1907) ، الترمذي فضائل الجهاد (1647) ، النسائي الطهارة (75) ، أبو داود الطلاق (2201) ، ابن ماجه الزهد (4227) ، أحمد (1/43) . ([3]) سورة الإسراء آية : 19 . | |
|