انس البراء عضو سوبر
تاريخ التسجيل : 28/09/2009 عدد المساهمات : 2171
| موضوع: - خطبة في بيان لطفه بالعباد عند المكاره الجمعة 26 فبراير 2010, 3:54 pm | |
| 3- خطبة في بيان لطفه بالعباد عند المكارهالحمد لله الرؤوف الرحيم ، البر الجواد الكريم ، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العظيم ، له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، والإحسان العميم ، وله الرحمة الواسعة ، والحكمة الشاملة ، وهو العليم الحكيم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الذي قال الله فيه : { وانك لعلي خلق عظيم } ([1]) اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه ، الذين هُدُوا إلى الحق وإلى طريق مستقيم . أما بعد : أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، فإن روح التقوى شكر المولى على نعمائه ، والصبر والرضى بمر قضائه ، شكره على المحاب والمسار ، والتضرع إليه عند المكاره والمضار ، قال r { عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن } ([2]) . واعلموا أن في تقديره للضراء والمكاره حكما لا تخفى ، وألطافا وتخفيفات لا تحد ولا تُستقصى ، والمؤمن حين تصيبه المكاره يغنم على ربه فيكون من الرابحين ، يغنم القيام بوظيفة الصبر ، فيتم له أجر الصابرين ، ويرجو الأجر والثواب فيحظى بثواب المحتسبين ، وينتظر الفرج من الله فيحوز أجر الراجين لفضله الطامعين ، فإن أفضل العبادة انتظار الفرج العاجل ، ورجاء الثواب الآجل ، والله تعالى يبتلي عباده ، فإذا ابتلى لطف وأعان ، وإذا تصعبت الأمور من جانب تسهلت من نواح أخرى ، فيها الرأفة والامتنان ، أما ترون حين قدر الله بحكمته انحباس الغيث ، ووقوع الجدب في النبات ، كيف لطف بكم في حشو هذا البلاء بنعم متتابعات ؟ ! ، وأياد وآلاء سابغات ، أنعم عليكم بالآلات الحديثة التي قامت بها الزروع والحروث ، واستخرجت بها المياه ، وتتابعت بها النقليات لجميع المؤن من الضروريات والكماليات ، ومرافق الحياة ، فلو أن هذا الجدب صادف الناس بغير هذه الحالة ، لهلكت الحروث وتعطلت النقليات ، لقلة المواشي وعجزها ، ولوقع بالعباد مجاعات وأضرار ، وقاهم الله شرها ، كما أن من ألطافه ما يسره للعباد من كثرة الأعمال المعينة على الرزق والمعاش ، فقامت بها أمور الأغنياء والفقراء ، وتم بها الانتعاش ، فكم لله علينا من فضل عظيم ، وكم أسبغ علينا من إحسان عميم ، فعلينا أن نشكر الله بالاعتراف بنعمه وأياديه ، وأن نتحدث بها في كل ما يُسره أحدنا ويُبديه ، وأن نستعين بها على طاعته ونتبع مراضيه ، وعلينا أن نصبر ونرضى فيما يدبره مولانا ويقضيه ، وأن يكون الفرج نصب أعيننا وقبلة قلوبنا ، والطمع في فضله غاية قصدنا ، ونهاية مطلوبنا ، فإننا لم نرج مخلوقا ولا ممسكا ولا عديما ، وإنما نرجو ربا غنيا جوادا كريما ، لا يتبرم بإلحاح الملحين ، ولا يبالي بكثرة العطايا وإجابة السائلين ، عم البرايا كلها بفضله وخيره وعطائه ، ووسع الخليقة كلها بنعمه وآلائه ، أمرنا بالدعاء والسؤال ، ووعدنا عليه الإجابة وكثرة النوال : { الله لطيف بعباده بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم . ([1]) سورة القلم آية : 4 . ([2]) مسلم الزهد والرقائق (2999) ، أحمد (6/16) ، الدارمي الرقاق (2777) . ([3]) سورة الشورى آية : 19 . | |
|