الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتأتأة
لعل أهم العوامل التي ترجع إليها الإصابة بمرض اللجلجة هو ما يشعر به المريض من قلق
نفسي وانعدام الشعور بالأمن والطمأنينة منذ طفولته المبكرة .
وبالتالي يصبح الطفل متوتراً لذلك يتلعثم ويتلكأ في إخراج الكلام بصورة تامة نتيجة لتخوفه
من المواقف التي يخشى مواجهتها، أو عندما يكون في صحبة أشخاص غرباء ، وبمرور
الأيام يتعود الطفل اللجلجة وقد يزداد معه الشعور بالنقص وعدم الكفاءة .
والواقع فإن الطفل الذي يعاني من اللجلجة يستطيع التكلم بطلاقة في بعض الأحيان عندما يكون
هادئ البال أو أن يكون بمعزل عن الناس لأن مثل هذه المواقف تخلو تماماً من الخوف
والاضطرابات الانفعالية التي يعاني منها عندما يضطر إلى الكلام في مواجهة بعض
الأشخاص وعلى الأخص ممن يتهيبهم.
* وقد دلت كثير من البحوث العلمية على أن الأسباب الأساسية للقلق النفسي الذي يكمن وراء
اللجلجة تتلخص في إفراط الأبوين ومغالاتهم في رعاية وتدليل الطفل أو محاباته وإيثاره على
إخوته، أو العكس كأن يفتقر الطفل إلى عطف الأبوين .
أو العيش في جو عائلي يسوده الشقاق والصراع بين أفرادها، أو لتضارب أساليب التربية أو
لسوء التوافق والإخفاق في التحصيل المدرسي .
فأساليب التربية التي تعتمد على العقاب الجسدي والإهانة والتوبيخ كثيراً ما تؤدي إلى إصابة
الفرد بآثار نفسية وإحباطات من شأنها أن تعيق عملية الكلام عند الاطفال ، فكثيراً ما يلجأ
الآباء إلى إهانة الأبناء أمام الغرباء وتوبيخهم ومعاملتهم دون احترام .
* كما أن إهمال الآباء للأبناء ومحاولتهم إسكات أبنائهم عند التحدث أمام الآخرين يؤدي في
النهاية إلى خلق رواسب نفسية سلبية ، تعمل على زعزعة الثقة بالنفس لدى الطفل مما يجعله
يشك في قدرته على التحدث بشكل صحيح أمام الآخرين .
* وقد يكون سبب اللجلجة عند بعض الاطفال هو عدم تمكنهم من اللغة بالقدر الذي يجعلها
طوع أمرهم وفي متناولهم ، فيؤدي تزاحم الأفكار بسبب قصور ذخيرتهم اللغوية واللفظية إلى
اللجلجة. وقد يكون سبب اللجلجة أحياناً أن الطفل يتكلم في موضوع لا يهمه أو يعنيه أو لا
يفهمه معتمداً على الحفظ الآلي وبذلك تكون اللجلجة وسيلته كلما ضاع منه اللفظ المناسب.
* كما أن هناك أسباب تشريحية عضوية كأن يعاني الشخص المصاب من خلل واضح في
أعضاء الكلام أو يصاب بهذه المشكلة نتيجة لإصابة الجهاز العصبي المركزي بتلف في أثناء
أو بعد الولادة.
آثـــــــار التأتأة
كثيراً ما يشعر الوالدان بالألم خاصة عندما يتكلم ابنهما أمام الآخرين ويبادله هؤلاء الشفقة أو
السخرية ، فكثيراً ما يعتقد الوالدين بأنهما السبب في ذلك فيتولد لديهما شعور بالذنب ، وقد
يعمدان إلى محاولة عدم ترك الطفل يتحدث أمام الآخرين حتى لا يلفت النظر إليه .
والآن .. ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع الطفل المصاب بالتأتأة والتي تجعله أكثر ثقة بنفسه
؟؟ وأحب أن أضيف إلى كيفية التعامل مع الطفل المصاب بالتأتأة الآتي :
* أثناء الحديث مع فرد يتأتئ ينبغي التركيز على ما يقول وليس كيف يقول.
* عليكِ بتعديل سرعة كلامكِ ، وجعله أكثر بطءاً ، وإدخال بعض الوقفات في كلامك أثناء
الحديث مع فرد متأتئ ، وهذا يجعله بطريقة غير مباشرة يقلل من سرعة كلامه مما يؤدي إلى
زيادة الطلاقة عنده .
* لا تنظري بعيداً عنه إذا لم يتمكن من إخراج بعض الكلمات من فمه، وفي نفس الوقت لا
تحدقي به بشكل ملفت أو غريب .
* حاولي ألا تقاطعيه و ألا تكملي الكلام نيابة عنه بقصد مساعدته .
* نصائح مثل (تمهل) (خذ نفس) ليست ذات جدوى، بل قد تزيد أحياناً مستوى التوتر وبذلك تزداد التأتأة.
* عدم توجيه اللوم أو السخرية للطفل الذي يعاني من أمراض الكلام .
أما العــــلاج :
فهناك العديد من الطرق العلاجية للتأتأة، ويختلف العلاج باختلاف العمر للفرد .. ويكون بالآتي :
* تدريب الطفل على الأخذ والعطاء حتى نقلل من ارتباكه. ووضع حد لخجله وشعوره
بالنقص . كذلك يجب مساعدته على ألا يكون متوتر الأعصاب أثناء الكلام، حساساً لعيوبه في
النطق، بل علينا أن نعوده على الهدوء والتراخي ، وذلك بجعل جو العلاقة مع الطفل جواً
يسوده الود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة.
* عدم إجبار الطفل على الكلام تحت ضغوط انفعالية أو في مواقف يهابها، إنما تترك الأمور
تتدرج من المواقف السهلة إلى المواقف الصعبة مع مراعاة المرونة لأقصى حد حتى لا يعاني
من الإحباط والخوف، وحتى تتحقق له مشاعر الأمن والطمأنينة بكل الوسائل .
* تدريب الطفل على الأصول الاجتماعية مع الآخرين وذلك بتعليمه العادات والتقاليد التي
تخص مجتمعه وتساعده على التمييز بين ما هو مقبول وما هو مرفوض من قبل الأسرة .
* يجب على الآباء والمعلمين محاولة تفهم الصعوبات التي يعاني منها الطفل نفسياً سواء في
المدرسة أو في الأسرة كالغيرة من أخ له يصغره ، أو الحنق على أخ له يكبره ، أو اعتداء
أقران المدرسة عليه، أو غير ذلك من الأسباب، والعمل على معالجتها وحمايته منها لأنها قد
تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر فيما يعانيه من صعوبات في النطق . وقد يستدعي العلاج
النفسي تغيير الوسط المدرسي بالانتقال إلى مدرسة أخرى جديدة إن كانت هناك أسباب تؤدي إلى ذلك.
* إدماج الطفل المريض في نشاطات اجتماعية تدريجياً حتى يتدرب على الأخذ والعطاء وتتاح
له فرصة التفاعل الاجتماعي وتنمو شخصيته على نحو سوي، ويعالج من خجله وانزوائه
وانسحابه الاجتماعي، ومما يساعد على تنمية الطفل اجتماعياً العلاج باللعب والاشتراك في
الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها.
تنبيه هام : على الآباء والمربين عدم التعجل في طلب سلامة مخارج الحروف والمقاطع في
نطق الطفل، ذلك لأن التعجيل والإصرار على سلامة مخارج الحروف والمقاطع والكلمات من
شأنه أن يزيد الطفل توتراً نفسياً وجسمياً ويجعله يتنبه لعيوب نطقه، الأمر الذي يؤدي إلى
زيادة ارتباكه ويعقد الحالة النفسية ويزيد اضطراب النطق. مع مراعاة أن سلامة مخارج
الألفاظ والحروف والمقاطع في نطق أي طفل يعتمد أساساً على درجة نضجه العقلي والجسمي،
ومدى قدرته على السيطرة على عضلات الفم واللسان، وقدرته على التفكير، وفوق كل ذلك
درجة شعوره بالأمن والطمأنينة أو مدى شعوره بالقلق النفسي.
أما إذا لم تفلح أياً من الطرق السابقة فيجب الاستعانة بأخصائي النطق .
ولكن قبل العلاج .. يجب على الأسرة أن تتجنب هذه الظاهرة بالاعتماد في بداية تنشئة
الاطفال على تشجيعهم على التعبير الصوتي لما يجول في أنفسهم ، كما ينبغي أن نكف عن
عقاب الاطفال عندما يحاولون التحدث والمناقشة وإبداء الرأي . فلندعهم يتكلمون ولنستمع إليهم
كما ينبغي ألا نعاقبهم عند محاولتهم إثبات ذواتهم والتحدث مع الآخرين ، أما الإهانة والتوبيخ
للطفل أمام الآخرين من شأنه أن يؤدي إلى خلق شخصية غير سوية للطفل .