سابعاً: تعزيز شعور الحب، والبعد عن القسوة، وإشباع العاطفة لدى الطفل الناشئ؛ فيستحي أن يُرى منه سوء :
روى البخاري ومسلم عن عائشة: قالت جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أتقبلون الصبيان؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة
وروى مسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله لنفسه قط
بيده، ولا امرأة ولا خادماً، إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من
صاحبه، إلاّ أن يُنتهك شيء من محارم الله فينتقم لله .
وعنها رضي الله عنها قالت: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ولا
صخاباً في الأسواق، ولا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح" (رواه الترمذي)
ومعلوم أن الإنسان لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه حتى يكون عنده شعورٌ نحو أخيه بالمحبة
ثامناً: إشعال فتيلة التفكير الذاتي الإبداعي
بالاعتماد على النفس: إنها صفة تزرع في أعماق الذات الثقة بما يصدر عنها، والحب لما
تسعى إليه، والصبر على عوائق الطريق، واستشراف المستقبل، والسعي إلى امتلاك مقود الحياة.
إن الاعتماد على النفس أصل كل نجاح فاعل حقيقي، وإذا اتصف به أفراد الأمة فانتظر وثبتها
إلى جبال المعرفة والسبق.. والتجربة اليابانية شاهد قرن يُفصل الإجمال.
يقول الشاعر : وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعول في الدنيا على رجل
وذلك لأن الرجل الخدوم المكفول يعيش قرير العين، كسل الأعضاء, لا يستطيع أن يكون ذا
قيمة في صنع الحياة؛ لما في نفسه من الدعة .
لذا ينبغي تجنب الحماية الزائدة للأولاد (الذكور) مما يجعلهم لا يتفاعلون مع المحيطين بهم من
أقارب أو أصدقاء.. فيحرمون من النصح الذي يتولد نتيجة التجارب المحيطة. فلا تفريط ولا
إفراط، و كما قيل: "التجربة خير أستاذ، لكن تكاليفها باهظ .
تاسعاً: استخدام وسائل التربية الوجدانية
1- ممارسة أنواع التدريب الإداري الخاصة بالامتناع لدى الطفل، ومن أنواع الامتناع:
الصوم عن الأكل والشرب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، والتقليل من الأكل والعادات
الضارة والإفراط في الملذات. ومن هذا النوع الالتزام ببعض المبادئ الأخلاقية، مثل محاولة
التغلب على السلوك الفطري، كالتغلب على الغضب وكظم الغيظ ودفع الإساءة بالإحسان.
2- ممارسة أنواع التدريب الإداري الخاصة بالأعمال الإيجابية.. {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] .
3- ممارسة أنواع التدريب الإداري الخاصة بالتحمل، والصبر ثلاثة أنواع: الصبر على
الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على المصيبة..{اصبِرُوا وصابروا ورابِطُوا..} [آل
عمران:200]، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [المزمل:10]، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم
بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].
4- ممارسة أنواع التدريب الإداري الخاصة بالالتزامات إزاء العهود والمواثيق والأيمان
والنذور، وذلك يؤدي إلى تقوية الإرادة من ناحيتين:
الأولى: أن الالتزام يقتضي ضبط النفس وربط الإرادة وتركيزها على العمل الذي عقد العزم على تنفيذه.
الثاني: أن الإنسان كلما التزم بعهده ونفذ عملياً ما وعد بتنفيذه؛ أدى ذلك إلى الشعور بقوة
ذاتية ثمّ إلى قوة إرادية، لا سيما إذا ارتبطت الإرادة بما يعززها كوجود الغرامات أو الكفّارات
الوسائل الخاصة بانتفاضة الإرادة وإنقاذها في حالات ضعفها :
5- بلا ريب فأن النفس لها أوقات تنهزم فيها وتضعف؛ فلا بد من تقويتها وشحنها ،ويمكن
تقسيم وسائل الانتفاضة إلي قسمين:
الأولى: قبل السقوط، ومنها ما بيّن الله أن من عزم على فعل معصية ثم عدل ذلك تكتب له
حسنة ولا تكتب له سيئة .
الثانية: بعد السقوط لإنقاذ الإرادة من الاستسلام النهائي، وهذه الوسائل عاطفية ووجدانية
الوسائل العاطفية:تقبيح الرذيلة والنفور منها {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب
أحدكم أن يأْكل لحم أخيه ميتا..} [الحجرات:12]، {ولا تقربوا الزنى إِنه كان فاحشة وساء
سبيلا} [الإسراء:32]
الوسائل الوجدانية:التوبة، فلولا التوبة لماتت الإرادة الأخلاقية
6-الوسائل النفسية الشعورية الإيحائية لتقوية الإرادة. ومن مصادر الإيحاء الذاتي لقوة
الاعتزاز بالإيمان: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا..} [فاطر:10]
وذلك معروف بالفطرة السليمة أو الفطرة التي لا تجد بدا من السلامة في حالة الضعف: {فَإِذَا
رَكِبُوا في الْفلك دعوا اللَّه..} [العنكبوت:65].
يقول وليم جيمس: "يعني القلق والاضطراب حين نرده إلي أبسط معانيه أن فينا جزءاً خاطئاً
إن نظرنا إلى أنفسنا نظرةً طبيعيةً. ويعني العلاج أننا ننقذ أنفسنا من هذا الخطأ بأن نعقد صلة
بيننا وبين قوى عُليا"[5]. ونحن المسلمين نربط صلتنا بمدبر الكون والقادر عليه
- البدء بالقوة عند كل عمل يقوم به الإنسان.. {يا يحيى خذ الكتاب بقوة..} [مريم:19]،
{فخذها بقوة..} [الأعراف:145]، {فَأعينوني بقوة..} [الكهف:95].
7-من وسائل تقوية الإرادة: الاهتمام بالصحة العامة وصحة الأعصاب خاصة "إني لأصوم
وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء
8- تقوية الإرادة بالعمل الفكري {فَلَما جن علَيه اللّيل رأى كوكَبا..} [الأنعام:76]. وكيف
أثر ذلك على إرادته.. {قَال يا قَوم إِني بريء مما تشركون * إِني وجهت وجهي للَّذي فطر
السماوات والأَرض حنيفا...} [الأنعام:79] وإذا أخذ الإنسان الشيء بقناعة وإعمال فكر؛
فيستحيل أن يتخلى عنه .
عاشراً: التربية بالموعظة :
وذلك عن الطريق المباشر تارة، والطريق غير المباشر مثل القصص، لاسيما القصص التي
تمثل واقعاً يعيشه، مع محاولة استثارة عواطفه ووجدانه.