فنسرد شفاعته صلى الله عليه و سلم ثم نقتصر في ذكر الأدلة على ما اختص به منها دون غيره
الشفاعة في استفتاح باب الجنة -
الشفاعة في تقديم من لا حساب عليهم في دخول الجنة -
الشفاعة فيمن استحق النار من الموحدين أن لا يدخلها -
الشفاعة في إخراج عصاة الموحدين من النار -
الشفاعة في رفع درجات ناس في الجنة -
الشفاعة في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب -
أولاً : الشفاعة في استفتاح باب الجنة
ينتقل الناس في عرصات القيامة من كرب إلى كرب فأهوال قبل فصل القضاء فشفاعة عظمى ثم
يحاسب الناس , وعند ذلك ينصب الميزان , وتطاير الصحف ويكون التميز بين المؤمنين والمنافقين ثم
يؤذن في نصب الصراط والمرور عليه ويوقف بعض من نجا عند القنطرة للمقاصصة بينهم , فإذا
انتهى ذلك كله يقوم المؤمنون وتقرب لهم الجنة فيطلبون من يكرم على مولاه ليشفع لهم في استفتاح باب
الجنة , فيأتون آدم فإبراهيم فموسى فعيسى عليهم السلام وكل منهم يعتذر عن ذلك المقام العظيم , فيأتون
رسول الله صلى الله عليه و سلم فيشفع لهم الله تعالى
فعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يجمع الله
تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف(تقرب) لهم الجنة , فيأتون آدم , فيقولون : يا أبانا
استفتح لنا الجنة
فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله
قال : فيقول إبراهيم : لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلاً من وراء وراء , اعمدوا إلى موسى الذي
كلمه الله تكليماً
فيأتون موسى فيقول : لست بصاحب ذلك , اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه
فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك , فيأتون محمداً صلى الله عليه و سلم , فيقوم فيؤذن له وترسل
الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً فيمر أولكم كالبرق ؟
قال قلت بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق ؟
قال : (ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح , ثم كمر الطير وشد
الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول : رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى
يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً قال وفى حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت
به , فمخدوش ناج ومكدوس في النار) والذى نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : آتي باب الجنة يوم
القيامة , فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟
فأقول : محمد
فيقول : بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك
ثانياً : شفاعته في تقديم من لا حساب عليهم في دخول الجنة
ومما اختص به رسولنا صلى الله عليه و سلم من الشفاعات أنه يشفع في تعجيل دخول الجنة لمن لا
حساب عليهم من أمته وهذا من عظيم قدره صلى الله عليه و سلم ورفعة منزلته عند ربه تبارك وتعالى
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الطويل في الشفاعة (......يا محمد أرفع رأسك سل تعطه ,
واشفع تشفع , فأرفع رأسي فأقول : أمتي يا رب , أمتي يا رب , فيقول : يا محمد , أدخل من أمتك
من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة , وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : سألت ربي عز وجل
فوعدني أن يدخل أمتي سبعين ألفاً على صورة القمر ليلة البدر , فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين
ألفا, فقلت أي رب , إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي قال : إذن أكملهم لك من الأعراب
ثالثاً : شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب
كان أبو طالب يحوط ابن أخيه رسول الله صلى الله عليه و سلم , وينصره ويقوم في صفه ويبالغ في
إكرامه والذب عنه , ويحبه حباً شديداً طبعياً لا شرعياً , فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول
الله r إلى الأيمان والدخول في الإسلام , فسبق القدر فيه فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة
البالغة .ونظراً لما قام به أعمال جليلة مع رسول الله r جوزي على ذلك بتخفيف العذاب خصوصية له
من عموم الكفار الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين .وذلك إكراماً وتطيباً لقلب رسول الله صلى الله عليه و سلم
فعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء , فأنه
كان يحوطك ويغضب لك ؟
قال : نعم , هو في ضحضاح من نار , ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار
ضحضاح بمعنى : ما رق من الماء على وجه الأرض