إلى شهداء مصر من الشباب الذين ابتلعتهم الأمواج
على شواطيء إيطاليا وتركيا واليونان :
***
قد عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟
أين النخيل ؟ وأين دفء الوادي؟
لاشيء يبدو في السماء أمامنا
غير الظلام وصورة الجلاد
هو لا يغيب عن العيون كأنه
قدر كيوم البعث والميلاد
قد عشت أصرخ بينكم وأنادي
أبني قصورا من تلال رمادي
أهفو لأرض لا تساوم فرحتي
لا تستبيح كرامتي وعنادي
أشتاق أطفال كحبات الندى
يتراقصون مع الصباح النادي
أهفو لأيام توارى سحرها
صخب الجياد وفرحة الأعياد
أشتقت يوما أن تعود بلادي
غابت وغبنا و انتهت ببعاد
في كل نجم ضل .. حلم ضائع
وسحابة لبست ثياب حداد
وعلى المدى أسراب طير راحل
نسي الغناء ....فصار سرب جراد
هذه بلاد تاجرت في أرضها
وتفرقت شيعا بكل مزاد
لم يبقى من صخب الجياد سوى.... الأسى
تاريخ هذه الأرض بعض جياد
في كل ركن من ربوع بلادي
تبدو أمامي صورة الجلاد
لمحوه من زمن يضاجع أرضها
حملت سفاحا فاستباح الوادي
لم يبق غير صراخ أمس راحل
ومقابر سأمت من الأجداد
وعصابة سرقت نزيف عيوننا
بالقهر... والتدليس... والأحقاد
ماعاد فيها ضوء نجم شارد
ماعاد فيها صوت طير شادي
تمضي بنا الأحزان ساخرة بنا
وتزورنا دوما بلا ميعاد
شيء تكسر في عيوني بعدما
ضاق الزمان بثورتي و عنادي
أحببتها ......حتى الثمالة بينما
باعت صباها الغض ..... للأوغاد
لم يبق فيها غير ...... صبح كاذب
و صراخ أرض في لظى استعباد
لا تسألوني عن .... دموع بلادي
عن حزنها في لحظة استشهاد
في كل شبر من ثراها ..... صرخة
كانت تهرول خلفنا و تنادي
الأفق يصغر .... والسماء كئيبة
خلف الغيوم .... أرى جبال سواد
تتلاطم الأمواج فوق رؤوسنا
والريح تلقي للصخور عتاد
نامت على الأفق البعيد ملامح
وتجمدت بين الصقيع أيادي
ورفعت كفي قد يراني عابر
فرأيت أمي........ في ثياب حداد
أجسادنا كانت تعانق بعضها
كوداع أحباب بلا ميعاد
البحر لم يرحم براءة عمرنا
تتزاحم الأجساد في الأجساد
حتى الشهادة راوغتني لحظة
وأستيقظت فجراً أضاء فؤادي
هذا قميصي فيه .... وجه بنيتي
ودعاء أمي .... كيس ملح زادي
ردوا إلى أمي القميص.... فقد رات مالا أرى
من غربتي ... ومرادي
وطن بخيل .... باعني في غفلة
حين اشترته عصابة الإفساد
شاهدت من خلف الحدود .... مواكبا
للجوع تصرخ في حمى الأسياد
كانت حشود الموت تمرح حولنا
والعمر يبكي ..... والحنين ينادي
ما بين عمرٍ ...... فر مني هاربا
وحكاية يزهو بها أولادي
عن عاشق هجر البلاد وأهلها
ومضى وراء المال والأمجاد
كل الحكاية ...... أنها ضاقت بنا
وأستسلمت للص والقواد
في لحظة...... سكن الوجود
تناثرت حولي مرايا الموت والميلاد
قد كان آخر ما لمحت على المدى
و النبض يخبو صورة الجلاد
قد كان يضحك والعصابة حوله
وعلى امتداد النهر يبكي الوادي
وصرخت..... والكلمات تهرب من فمي
هذي بلادُ............ لم تعد كبلادي !!!