يقول المولى جلت قدرته :(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ
أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_ وَاللَّهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة:109)
البيت الإسلامي بيت اسس على التقوى ، عماده تقوى الله ، وأطنابه الأعمال
الصالحة ، وحديقته امتثال أمر الله تعالى .
يقول عز من قائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ )(التحريم: من الآية6)
البيت أمانة ومسئولية ورعية ، فهل من راع واع ومن مسئول أمين .
صح عن عليه الصلاة والسلام أنه قال :"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "(1)
ورعاية البيت في رمضان وغيره ، تقوم بأمرهم بالصلاة ، قال تبارك وتعالى
()وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ
رَبِّهِ مَرْضِيّاً) (مريم:55)
إن أحوج ما يحتاجه البيت المسلم إلى أب رشيد وأم مؤمنة يقومان على تربية البيت .
يقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ
إِلَى أَهْلِهَا )(النساء: من الآية58) وإن من أعظم الأمانات أمانة البيت
وإصلاح البيت .
البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكرا وتلاوة وخشوعا وتقوى.
البيت الإسلامي عامر بسنة محمد عليه الصلاة والسلام في الطعام الشراب والمدخل والمخرج واليقظة والمنام.
البيت الإسلامي يحترم الحجاب ويدين لله به ويعتبره شرفا وعزا للمرأة ، وأجرا ومثوبة عند الله عز وجل .
ابتليت بيوت كثيرة بالغناء ، فأفسد قلوب أهلها وضيع مستقبلها وفتت قوتها .
دخل الغناء واللهو بعض البيوت ، فخرج الذكر والسكينة والحشمة والوقار . قال
تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ)(لقمان: من الآية6) ولهو الحديث عند أهل العلم هو الغناء ،
فكم عبث الغناء بالقيم وسفه المبادئ وأرهق العقول .
البيت الإسلامي يصحو على ذكر الله وينام على ذكره بعيدا عن اللغو والهراء .
قال تعالى ()وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون:3)
البيت الاسلامي يستحي من الله تعالى ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال "
يا أيها الناس استحيوا من الحق حق الحياء، والاستحياء من الله حق الحياء
أن تحفظظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلا ومن أراد
الآخرة وترك زينة الدنيا"(1)
بيوت الصالحين لها دوي بذكر الله رب العالمينا
لها نور من التوفيق عال كأن شعاعه من طور سينا
ليت البيوت الإسلامية تدخل العلم الشرعي جنباتها لتكون رياضا للمغفرة وبساتين للعرفان .
إن البيت يحتاج إلى مسائل مهمة من أعظمها المحافظة على الصلوات الخمس
بخضوعها وركوعها وسجودها وروحانيتها . وعلى تلاوة القرآن الكريم آناء الليل
وأطراف النهار ، وعلى ذكر الله عز وجل بالغدو والآصال ، وعلى إحياء السنن
في كل دقيقة وجليلة ، ويحتاج إلى إخراج كل لهو وعبث واجتناب كل لغو وزور .
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا
وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)
وقال تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ
الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (ابراهيم:27)
إن شهر رمضان يضفي على البيت المسلم روحانية واطمئنانا ، فيوقظ أهل البيت
لقيام الليل ، ويدعوهم إلى صيام النهار ، ويحثهم على ذكر الله عز وجل .
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً
يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) (فاطر:29)
(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:30)
نسألك يا أرحم الراحمين أن تملأ بيوتنا بالإيمان والحكمة والسكينة.
الشيخ عائض القرني