قال ذا النون المصري رضي الله عنه: رأيت امرأة متعبدة، فلما دنوت منها، ودنت مني،
سلمت عليّ، فرددت عليها السلام، فقالت لي: من أين أقبلت؟ فقلت" من عند حكيم لا يوجد
مثله، فصاحت صيحة شديدة، ثم قالت: ويحك كيف وجدت معه وحشة الغربة حتى فارقته،
وهو أنيس الغرباء، ومعين الضعفاء، ومولى الموالي؟! أم كيف سمحت نفسك بمفارقته؟.
فأبكاني كلامها. فقالت لي: مم بكاؤك؟ فقلت لها: وقع الدواء على الجرح، فأسرع في نجاحه،
فقالت لو كنت صادقا، فلم بكيت؟ فقلت لها: فالصادق لا يبكي؟ قالت: لا. قلت: ولم؟ قالت: لأن
البكاء راحة للقلب. وهو نقص عند ذوي العقول.
قلت لها: علميني شيئا ينفعني الله به.
قالت: اخدم مولاك شوقا الى لقائه، فان له يوما يتجلى فيه الى أوليائه، لأنه سبحانه سقاهم في
الدنيا من محبته كأسا لا يظمؤون بعدها أبدا.
ثم أقبت تبكي وتقول: الهي وسيدي، الى كم تدعني في دار لا أجد لي فيها أنيسا يساعدني على
بلائي، ثم جعلت تقول:
اذا كان داء العبد حب مليكه فمن دونه يرجى طبيبا مداويا