من أجل الوصول للطريقة المثلى لتهذيب انفعالات الابناء يجب اتباع ما يلي:
- ألا يتحدث الآباء مع الابناء بصورة انفعالية شديدة اللهجة بصفة متكررة حتى لا يكتسب
الابناء هذه الطريقة في الحديث.
- من الخطأ أن يعتبر الآباء حديث الابناء عن مشاعرهم الخاصة سلوكا سلبيا.. فلا يقال لهم
مثلا لا تبك أو خليك رجل أو كوني مهذبة فهذا يرسخ في أذهانهم أن التعبير عن العواطف هو
نوع من الضعف أو قيمة سلبية.
- ضرورة تشجيع الآباء لأبنائهم بالتعبير عن عواطفهم كتابة في المناسبات كأن يرسل بطاقة
تهنئة إلى صديقه أو كلمة رقيقة إلى مريض.
- عدم السخرية من مشاعر الابناء حين يعبرون عنها، كما أنه من الخطأ إعادة رواية ما حدث
أمام الآخرين بأسلوب استهزائي مما يثير شجون الابناء وضيقهم ويشعرهم بالخجل وامتهان
كرامتهم، وكذلك عدم الاستهزاء من مشاعر الآخرين أمامهم.
ومن جانب آخر فان التشجيع للطفل مثل الماء للنبات، فالنبات يذبل ويموت إذا منعنا عنه
الماء، كذلك فإن ذكاء الطفل وقدراته العقلية تذبل وتموت إذا منعنا عنها التشجيع، بينما الذكاء
والقدرات العقلية تنمو إذا حرصنا على تشجيعه.
يقول كاتب أدب الاطفال يعقوب الشاروني إن علم التربية الحديث يسمي عقاب الطفل البدني
بالضرب أو القرص أو اللكم أو عقابه النفسي بالألفاظ القاسية، كل هذا يسميه علم التربية
الحديث إيذاء للطفل وتحطيما لقدراته.. كل هذا يصيب الطفل بالإحباط وفقد الثقة بالنفس
ويجعله غير راغب في التعاون ولا في تحمل المسؤولية بل يجعله عدوانيا قلقا سريع الانفعال.
فالطفل إذا استخدمنا معه أساليب الإيذاء البدني والنفسي سيشعر بأن كل ما يقوم به لا يرضى
عنه الكبار المحيطون به، ولما كان الطفل يهتم جدا بالفوز برضاء الكبار، فإنه سيمتنع عن
كثير من الأشياء اللازمة لنموه العقلي والنفسي والبدني نتيجة أسلوب الكف أو المنع الذي يلجأ
إليه الكبار في تعاملهم مع الاطفال.
ويضيف أن التنشئة الاجتماعية للأطفال تتوقف إلى حد كبير على أساليب الدعم والتشجيع أو
الكف والمنع التي يمارسها الكبار مع الصغار؛ فسلوك الطفل الذي يجد تشجيعا وترحيبا
وتدعيما من الكبار سيكرره الطفل ويعتاد عليه.. أما سلوك الطفل الذي تقابله بالاستنكار أو
الإهمال أو العقاب فسيكف عنه.
لذلك إذا واجهنا سلوك الاستطلاع أو التساؤل بالتشجيع والدعم سيستمر فيه الطفل ويترتب
على ذلك نمو معارفه وخبراته.
أما إذا واجهنا سلوك الطفل للاستطلاع أو التساؤل بالإهمال أو السخرية، فإن الطفل سيكف
عن التساؤل والاستطلاع، ومعنى هذا يتوقف عقله عن العمل ومن ثم يتوقف الذكاء والقدرات
العقلية عن النمو.
أما بالنسبة لاستخدام أسلوب العنف والضرب مع الاطفال يعتقد العديد من الآباء أنهم إذا ربوا
أولادهم بالضرب فإنهم سيحصلون على أطفال مؤدبين يخافون الخطأ ونتائجه فيحسنون عندها
التصرف، غير أن هذا الاعتقاد ثبت خطؤه إذ يؤدي ضرب الإجفال من قبل آبائهم إلى تغيير
غير سار في شخصياتهم فينشأون معقدين ومشاكلهم النفسية أصعب من أن تحل بسهولة،
خاصة وأن الإنسان غالبا ما يتأثر بطفولته ويبقى محتفظا بآثارها السلبية على شخصيته.
والحقيقة أنه ليس هناك أمر أصعب على الطفل من أن يصفع على وجهه من قبل أي إنسان
ولكن لو كان هذا الشخص هو والده أو والدته فإن المشكلة أكبر وأعقد وذلك لأن الطفل عندها
سيوجه مشاعر العداء لهما، حتى وإن نسي بعدها، إلا أن الحالة التي مر بها والخوف
المصاحب سيكون لهما دورهما في شخصيته.
وقد حذر العلماء في المركز الوطني للأطفال الفقراء بجامعة كولومبيا الأميركية من أن صفع
الاطفال قد يسبب آثارا مؤذية طويلة الأجل على سلوكياتهم ولا تساعد على تربيتهم وتحقيق
الطاعة المطلوبة منهم لآبائهم.
وربطت الدكتورة اليزابيث جيرشوف, أخصائية العلوم النفسية بالمركز الصفع بمشكلات
سلوكية سلبية تصيب الاطفال مثل العدوانية والسلوك غير الاجتماعي والانطوائي واضطرابات
نفسية عديدة.
وقالت أن الصفع غير فعال أبدا في تقويم سلوك الطفل وتربيته ولا يساعد في تعليمه الصح
من الخطأ، كما أن له دورا في عدم التزام الطفل بطاعة والديه فهو يخاف في حضورهما فقط،
ولكنه يسيء التصرف في غيابهما.
وأشارت في تقرير بحثها الذي نشرته مجلة الجمعية الأميركية للعلوم النفسية، إلى أن الصفع
الخفيف إلى المتوسط قد يفيد الاطفال في عمر السنتين إلى الست سنوات ولكن لا ينصح أن
يحاول الآباء الذين يملكون ميولا عصبية بالصفع على الإطلاق، منوهة إلى أنه ليس جميع
الاطفال الذين يتم صفعهم قد يعانون من مشكلات انطوائية أو عدوانية.
ووجدت جيرشوف بعد تحليل 88 دراسة عن العقاب الجسدي وتأثيراته أن هذا العقاب يختلف
حسب طبيعة الآباء من ناحية استخدامه بصورة متكررة، والمواقف التي تجبرهم على
استخدامه، والأحاسيس التي تنتابهم أثناء صفع أطفالهم، وإذا ما كانوا يستخدمونه مع وسائل
تربية أخرى.
ولاحظت أن جميع هذه العوامل إضافة إلى علاقة الآباء بأطفالهم هي التي تحدد الاستجابات
العاطفية والنفسية عند الطفل، مؤكدة ضرورة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الضرب لإفهام
الطفل أخطاءه ومضاعفات سلوكياته السيئة، وتعليمه التصرفات الصحيحة التي يجب عليه الالتزام بها.
ويرى علماء التربية وعلم النفس، أن الثواب المعنوي افضل بكثير من الثواب المادي بالنسبة
للأطفال وكيفية التعامل معهم ،حيث إن الثواب المعنوي يكوّن وجدان الطفل وضميره ويهذب
مشاعره ويقوي ثقته بنفسه ويشعره انه تحسن في عمله وقادر على الإتقان والنجاح.
أما الثواب المادي، فغالبا ما يؤدي إلى النفعية وتكوين شخصية انتهازية مادية حريصة على
الهدايا والمنفعة المشتركة ويعتبر النجاح وسيلة من وسائل الإكثار منهما وهكذا يخرج الثواب
من وظيفته الأساسية ويصبح غاية في ذاته بعد أن كان في الأصل مجرد وسيلة للمكافأة
والتهذيب. وعلينا أن نفكر مليا بالقاعدة السلوكية الصحيحة حين أثاب أطفالنا وهي:
ـ أن لا ثواب على عمل طبيعي يومي، فإذا قام الطفل بتناول طعامه أو نام في الوقت المناسب
أو درس دروسه، فإنه لا يستحق ثوابا على ذلك، أما إذا قام بواجب من الواجبات الاجتماعية
بكامل حريته حينها يتطلب منا أن نقدم له الثناء والثواب على سلوكه..
أما العقاب: فإنه يتضمن إيلاما جسميا ونفسيا يقصد به تقويم سلوكه وشخصيته أي حينما يقوم
الطفل بسلوك منحرف أو سلوك مضاد لنظام الأسرة والمجتمع وهذا العقاب بمنزلة ردع له
ورده عن هذا السلوك مهما كانت طبيعته.
وقد أجرى الباحثون التربويون بحوثا كثيرة حسب صحيفة تشرين، تناولت أهمية الثواب
والعقاب والنتائج التي توصلوا إليها هي:
ـ الثواب أقوى وأبقى أثرا من العقاب في عملية التعلم، وان المدح أقوى أثرا من الذم بوجه عام.
ـ أن الجمع بين الثواب والعقاب افضل في كثير من الأحوال، في اصطناع كل منهما على حدة
فيستخدم العقاب لكف السلوك المعوج حتى يستقيم فيثاب عليه الطفل.
ـ أن يكون العقاب والثواب بعد السلوك مباشرة لانه في حال تأخر العقاب للغد أو بعد يومين
نعلم الطفل بهذه الحال معنى الانتقام، وفي حال تأخر عملية الثواب تفقد جدواها وأهميتها
وأثرها على النفس والسلوك عامة.
ـ أن يكون العقاب متناسبا مع حجم الخطأ ونوعه، أن يكون تقديره موضوعيا جدا، ولا ينسى
الأهل أنفسهم أثناء العقاب وكأنها (فشة خلق).
ـ أن أثر الثواب إيجابي في حين أن أثر العقاب سلبي ويبلغ أقصاه حين يعاقب السلوك مباشرة.
كما اتضح في بحث تجريبي أن الاطفال المنبسطين يضاعفون جهودهم بعد اللوم والعقاب في
حين أن الاطفال الانطوائيين يضطرب إنتاجهم وسلوكياتهم بعد اللوم ..كما أن النقد وإعطاء
الملاحظات والتوجيهات تجدي مع الموهوبين، أما الثناء فيجدي مع بطء التعلم.. وهكذا
موضوع الثواب والعقاب حين يتم وفق سياسة تربوية مدروسة بدقة وضمن ظروف ومواقف
اجتماعية ونفسية صحيحة يؤدي بلا شك إلى نتائج مجدية وصحيحة.