كيف تبني علاقة عاطفية ناجحة؟
الصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة وليست علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام؛ فهي صلة محبة هادئة
[مودة] وصلة [رحمة] متبادلة، لا أوهام عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم
عليها أي زواج ناجح.
وإن من أهم الأشياء لبناء الحياة العاطفية الناجحة، التفاهم بين الزوجين، والتفاهم يكون في البداية في كيفية
اختيار شريك الحياة على أسس صحيحة من الدين والكفاءة الشخصية العائلية، وبعد ذلك في الأمور
المهمة والأساسية في الحياة الزوجية مثل الأولاد وكيفية تربيتهم والقيام على شئونهم، وكذلك الأمور
المالية وكيفية الإنفاق، وأخيراً المسائل الجنسية وكيفية إشباع رغبة الزوجية من الآخر.
ـ وإذا تم التفاهم على قدر كبير من الأمور السابقة، بعدها فلا بد أن يتعرف كل من الرجل والمرأة على
طبيعة الآخر وكيف تفكر المرأة وكيف يفكر الرجل. وكيف يعبر كل منهما عن مشاعره.
ـ وبعد ذلك لا بد من الاستفادة من العلاقة الجسدية لبناء علاقة عاطفية ناجحة ومثمرة، لأن هذه العلاقة
تولد الشوق والمودة والحيوية بالنسبة لكلا الطرفين.
ـ والأهم من ذلك كله أن يتعلم الزوجان قاعدتين مهمتين لبيوت سعيدة، وهما: أن البيوت تُبنى على المودة
والرحمة، وأن دمار البيوت يبدأ من جفاف المشاعر، فيجب المحافظة على أجواء البيوت هادئة ومستقرة
ومعين متجدد للمودة والحب والدفء والحنان.
عناصر الحب الحقيقي:
إن العلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة، ولكنها أيضا الاستعداد للتضحية، أو التصرف
لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية، ويجب أن نميز بين مشاعر الحب وأعمال الحب،
فالمشاعر هامة وأساسية إلا أن أعمال الحب من التضحية والبذل للآخر من شأنها أن تحافظ على العلاقة
السعيدة والدافئة.
أعمال المودة و الحب؟
ومن وسائل تنمية المودة و المحبة بين الزوجين ما يسمى بأعمال المودة و الحب، تلك الأعمال التطوعية
التي تنم عن المحبة الكبيرة والتقدير العظيم للطرف الآخر كمفاجأة غير متوقعة أو دعوة عشاء خارج
المنزل، أو ورقة في كتاب في كلمة حب.
وكثير من الأمثلة التي تخطر في ذهن المحبين والعروسين الجديدين، وتشير هذه الأعمال إلى إهمال الواحد بالآخر وأنه يفكر فيه.
كيف تنمو المودة ويزداد الحب؟
مودة الزواج وحبه أكثر عمقاً في واقع الحياة، إن الحب يكبر مع كبر الزوجين، ومع مواجهتهما لمشكلات
الحياة وتحدياتها، ومع اشتراكهما معًا في التغيير والتكيف مع علاقتهما المتغيرة باستمرار.
شجرة الحب:
إذًا يمكن القول أن الحب هو كبذرة زرعت في أرض خصبة، تُسقى بماء المشاعر الفياضة وتحدث
بأعمال الحب الكثيرة ولا بد لها من زمن حتى تستقر شجرة كبيرة فارهة الطول عظيمة الأغصان،
تتجاوز كل المحن والصعوبات.
وهناك عشر وسائل لتنمية الحب والمودة بين الزوجين:
1ـ تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية، فوردة توضع على وسادة الفراش قبل النوم، لها سحرها العجيب
وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال، والرجل حين يدفع ثمن الهدية، فإنه يسترد
هذا الثمن إشراقًا في وجه زوجته، وابتسامة حلوة على شفتيها، وكلمة ثناء على حسن اختيارها، ورقة
وبهجة تشيع في أرجاء البيت, وعلى الزوجة أن تحرص على إهداء زوجها أيضاً.
2ـ تخصيص وقت للجلوس معًا لإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم، وقد تعجب بعض الشراح لحديث أم
زرع من إنصات الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث عائشة الطويل وهي تروي القصة.
3ـ النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلهما عن طريق أداء
الواجبات الرسمية أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية
من خلال تعبيرة الوجه، ونبرة الصوت، ونظرات العيون، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي، فهل يتعلم الزوجان فهم لغة العيون؟
وفهم لغة نبرات الصوت وفهم تعبيرات الوجه، فكم للغة العيون مثلاً من سحر على القلوب؟
4ـ التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف.
5ـ الثناء على الزوجة، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها، وعدم مقارنتها بغيرها.
6ـ الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل، أو ترتيب المكتبة، أو المساعدة في
طبخة معينة سريعة، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد، أو كتابة طلبات المنزل، أو غيرها من الأعمال الخفيفة، والتي تكون سبباً للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة.
7ـ الكلمة الطيبة، والتعبير العاطفي بالكلمات الدافئة والرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلاً، واشعارها بأنها نعمة من نعم الله عليه.
8ـ الجلسات الهادئة، وجعل وقت للحوار والحديث، يتخلله بعض المراح والضحك بعيدًا عن المشاكل،
وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم، وهذا له أثر كبير في الألفة والمحبة بين الزوجين.
9ـ التوازن في الإقبال والتمتع، وهذه وسيلة مهمة، فلا يُقبِل على الآخر بدرجة مفرطة، ولا يمتنع
وينحرف عن صاحبه كلياً، وقد نُهي عن الميل الشديد في المودة، وكثرة الإفراط في المحبة، ويحتاج
المتمتع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة، وقد ينشأ
عن هذا الكثير من المشاكل في الحياة الزوجية.
10ـ التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات، كأن تمرض الزوجة، أو تحمل فتحتاج إلى عناية
حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي. وإلى من يقف بجانبه، فالتألم
لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين وجعلهما أكثر قرباً ومحبة أحدهما للآخر.
المصدر : مفكرة الإسلام