معركة مؤتة
وهذه المعركة أكبر لقاء مُثْخِن، وأعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وهي مقدمة وتمهيد لفتوح بلدان النصاري، وقعت في جمادي الأولي سنة 8 هـ، وفق
أغسطس أو سبتمبر سنة 926 م.
ومؤتة (بالضم فالسكون) هي قرية بأدني بلقاء الشام، بينها وبين بيت المقدس مرحلتان.
سبب المعركة
وسبب هذه المعركة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم
بُصْرَي. فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل
قيصر ـ فأوثقه رباطاً، ثم قدمه، فضرب عنقه.
وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نقلت إليه الأخبار، فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ،
وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب.
أمراء الجيش ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا البعث زيد بن حارثة، وقال: (إن قتل زيد فجعفر، وإن
قتل جعفر فعبد الله بن رواحة) ، وعقد لهم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة.
وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا مَنْ هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا
بالله عليهم، وقاتلوهم، وقال لهم: (اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا،
ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا
تهدموا بناء).