الزواج بصفية
ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كِنَانة بن أبي الحقيق لغدره، ولما جمع السبي جاء
دحية بن خليفة الكلبي، فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي، فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية
بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي
سيدة قريظة وبني النضير، لا تصلح إلا لك، قال: (ادعوه بها). فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى
الله عليه وسلم قال: (خذ جارية من السبي غيرها)، وعرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام
فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، حتى إذا كان بسد الصهباء راجعًا إلى المدينة حلت،
فجهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح عروسًا بها، وأولم عليها بحيس من التمر والسمن
والسَّوِيق، وأقام عليها ثلاثة أيام في الطريق يبني بها.
ورأى بوجهها خضرة، فقال: (ما هذا؟) قالت: يا رسول الله، رأيت قبل قدومك علينا كأن القمر زال
من مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر من شأنك شيئا، فقصصتها على زوجي، فلطم وجهي.
فقال: تمنين هذا الملك الذي بالمدينة.
أمر الشاة المسمومة
ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سَلاَّم
بن مِشْكَم، شاة مَصْلِيَّةً، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها:
الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم تناول الذراع، فَلاَكَ منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال: (إن هذا العظم
ليخبرني أنه مسموم)، ثم دعا بها فاعترفت، فقال: (ما حملك على ذلك؟) قالت: قلت: إن كان ملكًا
استرحت منه، وإن كان نبيًا فسيخبر، فتجاوز عنها.
وكان معه بِشْر بن البراء بن مَعْرُور، أخذ منها أكلة فأساغها، فمات منها.
واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأنه تجاوز عنها أولا، فلما مات بشر قتلها قصاصا.
قتلى الفريقين في معارك خيبر
وجملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ستة عشر رجلاً، أربعة من قريش وواحد من أشْجَع،
وواحد من أسْلَم، وواحد من أهل خيبر والباقون من الأنصار.
ويقال: إن شهداء المسلمين في هذه المعارك 81 رجلاً.
وذكر العلامة المنصورفوري 91 رجلاً، ثم قال: إني وجدت بعد التفحص 32 اسما، واحد منها في
الطبري فقط، وواحد عند الواقدي فقط، وواحد مات لأجل أكل الشاة المسمومة، وواحد اختلفوا هل قتل في
بدر أو خيبر، والصحيح أنه قتل في بدر.
أما قتلي اليهود فعددهم ثلاثة وتسعون قتيلاً.
فَـدَك
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، بعث مُحَيِّصَة بن مسعود إلى يهود فَدَك، ليدعوهم
إلى الإسلام، فأبطأوا عليه، فلما فتح الله خيبر قذف الرعب في قلوبهم، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك بمثل ما عامل عليه أهل خيبر، فقبل ذلك منهم، فكانت فدك
لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة؛ لأنه لم يُوجِف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.