، اجتنب يا اخي الخيانة في الوزن والكيل ما استطعت، فان الله تعالى قد أمرك بالعهد فيهما
في قوله تعالى:{ ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون واذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} المطففين 1،3.
واياك يا اخي أن تغتبط بشيء من حقوق المسلمين، فان البركة لا تكون مع الخيانة، وان قليلا
من الحرام يتلف كثيرا من الحلال.
واياك يا اخي ان خنت درهما، خانك ابليس في سبعين درهما.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة من كنّ فيه فهو منافق، وان صلى وصام: من اذا
حدّث كذب، واذا وعد أخلف، واذا ائتمن خان} البخاري ومسلم.
وقال بعضهم: دخلت لزيارة جار لي كان يبيع الحنطة، فلما قعدت عند رأسه وهو يقول:
جبلان من نار، فسألت زوجته، فقالت: انه كال له مدّان، أحدهما كبير والآخر صغير، فاذا
ابتاع من أحد شيئا اكتال بالمدّ الكبير، واذا باع هو لأحد شيئا، كال له بالمد الصغير، فعلمت
أن المدّين هما الذان تصورا له جبلين من نار.
قيل، وكان رجل بالبادية لبان يخلط اللبن بالماء، فجاء السيل، فذهب بالغنم، فجعل يبكي
ويقول: اجتمعت تلك القطرات، فصارت سيلا، ولسان الجزاء يناديه:{ ذلك بما قدّمت يداك
وأن الله ليس بظلام للعبيد} الحج 10.
واعلم ان السرقة والخيانة أمران مهلكان ضارّان بالدين.
وفي المناجاة أن الله تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام: ستة ناري وغضبي، فأولهم من
طال عمره وساء خلقه، وغنيّ سارق، وعالم فاسق، ومن أتاني على غير توبة، ومن لقيني بدم
مؤمن متعمدا، ومن منع حق امرئ مسلم وأكله غضبا.
وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا.
ذكر أنه وجدت على صخرة بيت المقدس مكتوب عليها ست كلمات: كل عاص مستوحش،
وكل مطيع مستأنس، وكل خائف هارب، وكل راج طالب، وكل مقتنع غني، وكل حريص فقير.
وأما الايمان الكاذبة، فانه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الحلف الحنث أو ندم"
وقيل: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل من أصحابه وهو يضرب عبدا له، والعبد
يقول له: أسألك بوجه الله تعالى الا ما تركتني، وهو يزيد في ضربه، فسمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم صياح العبد، فانطلق اليه، فلما رآه السيّد أمسك فقال رسول الله:" سألك بوجه
الله العظيم، فلم تعف عنه، فلما رأيتني، أمسكت يدك"، فقال: يا رسول الله أشهدك انه حر
لوجه الله تعالى العظيم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو لم تفعل، للفحت النار
وجهك". فاياك والتعرض لمقت الله تعالى بكثرة الايمان، فان الله تعالى يقول:{ ولا تجعلوا
الله عرضة لأيمانكم} البقرة 224.