فما هي علامات توقير الله؟
من علامات توقير الله سبحانه وتعالى :
(1) ألا تذكر اسمه مع المحقرات :
قال بعض السلف :" ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحي من ذكره" . . فانظر إلى مدى توقير السلف لربهم . . كانوا يستنزهون أن يوضع اسم الله بجوار ما يستقبح ذكره . . فيقرن اسمه به . . كأن يقول الرجل :" قبح الله الكلب والخنزير" . . فيوقرون الله أن يوضع اسمه مع هذه الحيوانات .
(2) ألا تنسب الشر إليه :
إن من عقيدتنا أن الخير والشر من الله ، لكننا لا ننسب الشر إلى الله تأدباً. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لبيك وسعديك، الخير كله في يديك . . والشر ليس إليك" [مسلم].
وقال إبراهيم عليه السلام : {هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء : 79، 80] فلم يقل : وإذا أمرضني .. وإنما نسب الشر إلى نفسه تأدباً مع الله .
وقال مؤمنو الجن : {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [ الجن : 10]. فعند الرشد ذكروا ربهم . . وعند الشر بنوا الفعل للمجهول .
لكن أهل عصرنا على العكس . . تجد الرجل منهم يقول :" يا كاسر كل سليم يارب"!
أعوذ بالله! من إذاً الذي يجبر المكسور؟ وكيف ينسب الشر إلى الله؟
وتجد من يقول: "الحمدلله الذيلا يُحمد على مكروه سواه"!
سبحان الله! لماذا تذكر الله بالمكروه؟
إننا لا نناقش هنا حرمة هذه الكلمة من حلها، ولكننا نناقش السبب الذي من أجله نسبت الشر إلى الله . . وكيف أن السلف كانوا يجلونه ويبجلونه لدرجة أنهم لا يذكرون بجوار اسم الجلالة أي لفظ يرون أنه لا يناسب عظمته عز وجل . . هذا وإن كان الخير والشر منه سبحانه جل وعلا .
(3) من وقاره : ألا تعدل به شيئاً من خلقه لا في اللفظ ولا في الفعل :
فلا تقل : "ما شاء الله وشئت" ، وهذا لأنه عندما قالها رجل لرسول الله، قال صلى الله عليه وسلم : "أجعلتني لله ندا؟"[البخاري في "الأدب المفرد"، وابن ماجة، وصححه الألباني في "السلسلة"]
(4) من توقيره جل وعلا ألا تشرك معه شيئاً في الحب والتعظيم والإجلال :
قال تعالى :{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [ البقرة : 165] . سماهم مشركين ،كما في الطاعة ؛ فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله !
لا . وإنما طاعة الله مطلقة في كل شيء . وطاعة المخلوق مقيدة بالمعروف، فالأب والأم والزوج والزوجة ومديرك في العمل . . العرف والتقاليد والمجتمع . . طاعة كل هؤلاء مقيدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" إنما الطاعة في المعروف " [البخاري]،و" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " [أحمد وقوى إسناده ابن حجر]. فلا تجعل طاعتك لشيء كطاعة الله مهما كلفك ذلك .
(5) من توقيره جل وعلا ألا تجعل له الفضلة :
إن آفة أهل عصرنا – حتى الملتزمين منهم – أنهم يعطون الله الفضلة :
إذا بقي لدى الواحد منهم وقت ليقوم الليل فيه قام ،وإلا تركه ؛ يجعل لله الفضلة . .
إذا بقي عنده وقت للأذكار قالها، وإلا غفل عنها . . وهكذا . .
وقد قال تعالى :{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [ البقرة : 267] .
هذا ليس من توقير الله ، بل من توقير الله أن تقتطع له من أعز الأوقات وقتاً ، ومن أعز الأموال مالاً،
فينبغي ألا تجعل لله الفضلة في الوقت ، ولا في الجهد ، ولا في الصحة ، ولا في المال ،ولا في الكلام والذكر . . فما الذي يشغلك ؟
أهي الدنيا؟ والله ما خلقـْت لها : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[ الذاريات :56] ..
وقد يندهش بعض الناس حين نقول :" ينبغي أن تكثر من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتنفل..". فيقول : "أين الوقت الذي يسع كل هذا؟"
سبحان الله.. وهل خلقت لغير هذا؟ ثم إن البركة من الله . .
اللهم بارك لنا في أوقاتنا
والإعانة والتوفيق من الله . إنك إذا ظننت أنك تقوم بحولك وقوتك، فأنت فاشل مخدوع . . أما إذا اعتقدت أنك تستعين بالقوي المتين ، فإنه يعنيك ويقيمك ويبارك لك . .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
(6) من التوقير : ألا تقدم حق المخلوق على حق الله :
قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [ الحجرات : 1] . أي لا تقدموا أمراً بين يدي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا حباً بين يدي حب الله ورسوله ..
لا تجعل أمام الله أحداً، بل الأول هو الله . .
قرأت استطلاعاً للرأي -على طلبة إحدى الجامعات - عن المثل الأعلى والقدوة وأهم المحبوبات، فوجدوا أن الترتيب كما يلي :
1)الفنانين .
2)لاعبي الكرة .
3)المشاهير من الإعلاميين .
4)الله ورسوله .
فإذا كان الله في التفضيل هو الرابع ترتيباً، فأين يكون التوقير؟ أين يكون الحب والإجلال؟
أين يقع الأمر بأن تجعل الله ورسوله قبل كل شيء . . في الطاعة . . الحب . . الخوف . . الرجاء . . التوكل عليه . . و الإنابة إليه . . ؟
_________________