263- باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور
1550- وعن أبي بكْرةَ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ألا
نبِّئكُم بأكبر الكَبائِر ؟ قُلنَا : بَلَى يا رسول اللَّهِ . قَالَ : « الإشراكُ باللَّه ، وعُقُوقُ الوالِديْنِ
» وكان مُتَّكِئا فَجلَس ، فقال : « ألا وقَوْلُ الزُّورِ ، وشهادةُ الزورِ » فما زال يُكَرِّرُهَا حتى
قلنا : لَيْتَهُ سكَت . متفق عليه .
264- باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أو دابة
1551- عن أبي زيْدٍ ثابتِ بنِ الضَّحاكِ الأنصاريِّ رضي اللَّه عنهُ ، وهو من أهْل بيْعةِ
الرِّضوانِ قال : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « من حَلَف عَلى يمِينٍ بِملَّةٍ غيْرٍ
الإسْلامِ كاذباً مُتَعَمِّداً، فهُو كما قَالَ ، ومنْ قَتَل نَفسهُ بشيءٍ ، عُذِّب بِهِ يوْم القِيامةِ ، وَليْس على
رجُلٍ نَذْرٌ فِيما لا يَملِكهُ ، ولعنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ » متفقٌ عليه .
1552- وعنْ أبي هُريْرةَ رضي اللَّه عنهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا
ينْبغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يكُونَ لَعَّاناً » رواه مسلم .
1553- وعنْ أبي الدَّردَاءِ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
لا يكُونُ اللَّعَّانُون شُفعَاءَ ، ولا شُهَدَاءَ يوْمَ القِيامَةِ » رواه مسلم .
1554- وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي اللَّه عنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« لا تَلاعنُوا بلعنةِ اللَّه ، ولا بِغضبِهِ ، ولا بِالنَّارِ » رواه أبو داود ، والترمذي وقالا : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1555- وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
لَيْس المؤمِنُ بِالطَّعَّانِ ، ولا اللَّعَّانِ ولا الفَاحِشِ ، ولا البذِيِّ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1556- وعنْ أبي الدَّرْداءِ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إنَّ
العبْد إذا لَعنَ شَيْئاً ، صعِدتِ اللَّعْنةُ إلى السَّماء ، فتُغْلَقُ أبْوابُ السَّماءِ دُونَها ، ثُمَّ تَهبِطُ إلى
الأرْضِ ، فتُغلَقُ أبوابُها دُونَها ، ثُّمَّ تَأخُذُ يميناً وشِمالا ، فإذا لمْ تَجِدْ مساغاً رجعت إلى الذي
لُعِنَ ، فإنْ كان أهلاً لِذلك ، وإلاَّ رجعتْ إلى قائِلِها » رواه أبو داود .
1557- وعنْ عِمْرَانَ بنِ الحُصيْنِ رضي اللَّه عنْهُما قال : بينَما رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم في بعضِ أسْفَارِهِ ، وامرأَةٌ مِنَ الأنصارِ عَلى نَاقَةٍ ، فضجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا ، فَسمع ذلكَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَ : « خُذوا ما عليها ودعُوها ، فإنَّها ملعُونَةٌُ » قالَ
عِمرَانُ : فكَأَنِّي أرَاهَا الآنَ تمشي في النَّاسِ ما يعرِضُ لهَا أحدٌ . رواه مسلم .
1558- وعن أبي برّزَةَ نَضلَةَ بْنِ عُبيْدٍ الأسلمِيِّ رضي اللَّه عنْهُ قال : بينما جاريةٌ على ناقَةٍ
علَيها بعضُ متَاع القَوْمِ ، إذْ بَصُرَتْ بالنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وتَضايَقَ بهمُ الجَبلُ ، فقالتْ :
حَلْ ، اللَّهُم العنْها فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تُصاحِبْنا نَاقَةٌ عليها لعْنةٌ » رواه
مسلم .
قوله : « حلْ » بفتح الحاءِ المُهملةِ ، وإسكان اللاَّم ، وهَي كلِمةٌ لزَجْرِ الإبلِ.
واعْلَم أنًَّ هذا الحديث قد يُسْتَشْكلُ معْنَاهُ ، وَلا إشْكال فيه ، بل المُرادُ النَّهيُ أنْ تُصاحِبَهُمُ تِلك
النَّاقَةُ ، وليس فيه نهيٌ عن بيْعِها وذَبْحِهَا وَرُكُوبِها في غَيْرِ صُحْبةِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
بلْ كُلُّ ذلك وَما سوَاهُ منَ التَّصرُّفاتِ جائِزٌ لا منْع مِنْه ، إلاَّ مِنْ مُصاحبَتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم بِها ، لأنَّ هذِهِ التَّصرُّفاتِ كُلِّهَا كانتْ جائزة فمُنع بْعضٌ مِنْها ، فبَقِي الباقِي على ما كَانَ . واللَّه أعْلَمُ.
265- باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين
وَثَبت في الصَّحيحِ أن رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لعَنَ اللَّه الوَاصِلَةَ والمُسْتَوصِلةَ
» وأنَّهُ قال: « لعَنَ اللَّه آكِلَ الرِّبا » وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرين ، وأنَّه قال : « لعنَ اللَّه مَنْ غَيَّر
منارَ الأرْض » أيْ : حُدُودها ، وأنَّهُ قال : «لَعنَ اللَّه السَّارِقَ يَسرِقُ البيضَة » وأنهُ قال :
«لَعنَ اللَّه مَنْ لعن والِديْهِ » « وَلَعَنَ اللَّه مَنْ ذبح لِغيْرِ اللَّه » وأنهُ قال : « منْ أحْدَثَ فِيها
حدثاً أوْ آوى محدِثاً ، فَعليّهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والملائِكَةِ والنَّاسِ أجْمعِينَ » وأنَّهُ قالَ : « اللَّهُمَّ العنْ
رِعْلاً، وذَكوانَ وَعُصيَّةَ ، عصَوا اللَّه ورَسُولَهُ » وَهذِهِ ثلاثُ قبائِل مِنَ العَرَبِ وأنَّه قال :
«لَعنَ اللَّه اليهودَ اتخَذُوا قُبورَ أنبيَائِهم مسَاجِدَ » وأنَّهُ « لَعن المُتشبهِينَ مِنَ الرِّجالِ بِالنِّساءِ ،
والمتشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ » .
وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيحِ ، بعْضُهَا في صحيحي البخاري ومسلمٍ ، وبعْضُها في أحدِهِمَا
، وإنَّما قَصدْتُ الاختصَار بِالإشارةِ إليْهَا ، وسأذكرُ مُعظَمَهَا في أبوابها مِنْ هذا الكتاب ، إن
شاءَ اللَّه تعالى